للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما إحدى الشخصيتين فيطلع عليك وجهها من خلال قوله:

أريد التي ألقى سلاحي وجنتي ... إليها وألقاها من البأس أعزلا

وأطرح أعباء الجهاد وهمه ... لدى قدميها مغمض العين مرسلا

وأنت إذا أقبلت أقلبت جحفلا ... وجرت أسيافاً وشيدت معقلا

فان تهزميني فاهزمي عن بصيرة ... مريدا لأسباب الهزيمة مقبلا

ويطلع عليك وجهه معها من خلال قوله:

أيها الداعي إلى الله لنا ... ما ترى في دعوة منك إليك؟

- أنت لو تعلم دائي - في غنى ... عن نداء الغيب والطب لديك

تسأل الله شفائي ولقد ... جعل الله شفائي في يديك

وترجىَّ نظرة لي من علٍ ... ورجائي كله في ناظريك

فادع لي نفسك أو لا فادع لي ... رحمة الرحمن من وجدي عليك

إن قضاها الله أو لم يقضها ... حسبنا خطرتها في شفتيك

يفضل الصحة عندي أنني ... بعض ما تطوي عليه جانبيك

وهي كما ترى متحفظة متصونة، وهو محترس يقظ يلمح ولا يصرح أو هما كما قال العقاد:

(كانا أشبه بالشجرتين منهما بالإنسانين، يتلاقيان وكلاهما على جذوره، ويتلامسان بأهداب الأغصان، أو بنفحات النسيم العابر من هذه الأوراق إلى تلك الأوراق)

وأما الشخصية الأخرى فتطل عليك من قوله:

ماذا من الدنيا لعمري أريد ... أنت هي الدنيا فهل من مزيد؟

فيك لنا نور ونار معاً ... وأنجم زهر وأفق بعيد

وفيك روض مسفر عاطر ... وجوهر حر ودر نضيد

ونشوة الخمر إذا قوبلت ... بنشوة منك متاع زهيد

والفن إن لم تك نجواه من ... نجواك لغوٌ باطلٌ لا يفيد

وكل ما في الكون من روعة ... لها نظير فيك حي جديد

بل أنت دنيا غير هذى الدنى ... وكل حب فيك كون وليد

<<  <  ج:
ص:  >  >>