القريب أن يحقق لها الوصول إليها. فلا بد أن تتلقى هذا الحادث وأمثاله - ولا أكثر الله من أمثاله - بشيء كبير من سعة الصدر، وعدم التعليق الكثير عليه، والتمطيط في سيرته، والتشقيق لحديثة؛ شأنها في الحوادث المحلية العادية التي تحدث في مصر أو في العراق كما قدمنا. وذلك كله لإفهام الجماهير في الأمتين الشقيقتين والأمم العربية جمعاء، أن أمثال هذا الحادث يجب أن تتوطن النفوس على وقعه ولا تحسب له حساباً في العلاقات الدائمة بين هذه الأقطار
ولكن هذه الظاهرة الحميدة التي لمستها في الوطنية العراقية مما ورد لي من رسائل شباب العراق الذين لم يبلغ أكثرهم بعد درجة المسؤولية الوطنية فيما يتعلق بحسن سمعة الوطن والغيرة عليها بلهفة، وتصحيح خطأ وقع من فرد منها. . . هذه الظاهرة وحدها هي التي حملتني على تسجيل هذا الحديث، وما لغيرها كنت أرضى أن أخوض في حديث هذا الحادث
ومقياس الوطنية عندي هذه الغيرة الحادة اليقظة التي قد تتحول في بعض النفوس الكريمة إلى شبه أنانية فردية. فكأن ما يقع على عموم الوطن يقع على خصوصية الفرد. . . وكأن كل فرد يحمل وطنه على قلبه، فما يثقل على الوطن من مصيبة أو سوء سمعة أو شبهة يثقل على قلوب الأفراد
وفي الحق أن هذا الجانب من الوطنية العراقية يشاهد نامياً بارزاً جدا، مما يجعل الوطن في ضمانه وحمايته وفي أمل كبير منه
فإلى أصدقائي الذين راسلوني من العراق وأداروا هذا الحديث في رسائلهم أرسل هذه الكلمة على صفحات (الرسالة) لأن موضوعها ليس لي ولهم ولا لمصر والعراق فقط، بل هو فوق ذلك أنه للعروبة في جميع بقاعها ممن يقرؤون (الرسالة)
ولتطمئن قلوب الشباب العراقي، وهنيئاً للعراق هذه الغيرة في قلوب بنيه