للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المرحوم الرافعي في كل نقد أدبي له، وكما يفعل كل من يؤوده أن يكسر من شوكة هذا الذي يسمونه تجديداً أو كفراً من سادتنا الرافعيين! فما الذي يقصده الأستاذ الغمراوي بالفزع؟ وما شأن الدين بكل شيء يتصل بالأدب الحديث الذي يسعى إلى التجديد والنهوض وتوسع أفق الحياة الأدبية وإخراجها من عصر الاجترار والتخلف، إلى عصر التمثيل والحيوية؟

وإذا كان الأستاذ الغمراوي يقول في مقالة الآنف الذكر:

(إن الفطرة كلها ينشئها واحد هو الله سبحانه وتعالى، والعلم والدين كلاهما قد اجتمعا على استحالة التناقض في الفطرة، فإذا كانت هذه الفنون من روح الفطرة كما يزعم أهلها وجب ألا تخالف أو تناقض دين الفطرة دين الإسلام في شيء. . .)

وهو بذلك يريد أن يحد من مفهوم الأدب، فما نصنع إذن بالأدب الذي أقره العالم واعترف به أدباً سامياً ولم يكن مصدره الدين الإسلامي، والذي لم يخلفه أدباء مسلمون ولم يأتلف مع قواعد الدين الإسلامي في شيء؟ أقول ماذا بأدب طاغور، وملتون، ودانتي، وتورجنيف، وإيبانيز، وابسن، وموباسان، وغوركي، وهاردي، وجيتي؟. . . بل ماذا نصنع بأدب بودلير، وفرلين، ولورنس، وجويس، وهينسكي، ولوتي؟ هل نرمي بهم في البحر أن نعترف بأدبهم؟ وهل يتفق أدبهم مع الفطرة؟ وهل هو خير أم أدب الرافعي؟

وحضرة الأستاذ يذكر أدب الإيمان فهل يرى أن الشك لا أدب له؟ وما يقصده من التعرض بالإيمان، والشك؟ والحوم حوالي الدين في كل مناسبة عرض لها في نقده وبحثه أدب العقاد والرافعي؟ هل يريد أن نفهم من أقواله تلك أن العقاد ومن يرى رأيه ملحدون لا إيمان ولا نور لهم يهتدون به؟ وكيف يتسنى له أن يحكم هكذا بدون تدليل؟

سيدي الأستاذ:

إن الأستاذ الغمراوي - وقبله الأستاذ الطنطاوي - يريد أن يضع ما اسمه (الأدب) على الرف ويريد أن يدخله في بوتقة الدين بوجه عام، والدين الإسلامي بوجه خاص، وفي هذا من الجناية على الأدب مقدار ما فيه من التجني على الدين وأكثر. ولا أظن الأستاذ يخالفني في أن موضوع الدين موضوع شائك جداً لم يتعرض له متعرض سلم من تهمة المروق! فليفسر موقفنا كيف شاء، وليسمه فزعاً وهلعاً، فالحق أن الدين الإسلامي لم يدخله التأويل

<<  <  ج:
ص:  >  >>