(إن كل فكراتنا الأولية ومدركاتنا وكل فروع معرفتنا لا بد من أن تمر على التوالي بثلاث حالات مختلفة: الأولى الحالة الخرافية وهي حالة تصورية تخيلية، والثانية الحالة الغيبية وهي حال تجرد، والثالثة الحالة اليقينية وهي حالة تيقن)
ومع ذلك يجادلنا المناظر فليكس فارس مرجحاً الحالة الغيبية وهذا قلب لقانون الدرجات الثلاث!
٣ - يرى المناظر متابعة لاعتقاده برجحان الحالة الغيبية أن ميزة الشرق هي في الحالة الغيبية وفي إيمانه بالغيبيات. وهذا القول لو صدر من شخص ليس في مكانة مناظرنا الأستاذ فليكس فارس - وهو على علم واسع وفضل راجح - لما اهتممنا له. ولكن صدوره من مناظرنا يجعله حدث الأحداث في عصرنا الراهن
وإذا كان وقوف الشرق عند الدرجة الثانية في سلم الارتقاء العقلي سبباً للاعتقاد بتفوق هذه الدرجة على ما بعدها، فماذا يكون موقف مناظرنا إزاء أحد الزنوج أو متوحش أفريقيا إن وقف يرجح الحالة الهمجية والحالة الخرافية اعتقادا منه بتفوقها على ما فوقها، وقال لمناظرنا ما يقوله هو لنا؟ إذن ماذا يكون منه الجواب؟
٤ - إن قول المناظر برجحان الحالة الغيبية على الحالة اليقينية وإن كانت ظاهرة البطلان إلا أن هذا البطلان لا يمنعنا عن مناقشتها حتى لا يظن مناظرنا أن كلامه حق يعلو على التجريح والنقد
يقول العالم الياباني (موريكاتو إيناجاكي) إن في كل عنصر بشري استعداد لأن يظن في نفسه الكمال. ويثبت هذا العالم هذه الحقيقة من حقائق علم النفس والإنسان. وفي ضوء هذا القول نفهم اعتقاد مناظرنا برجحان ثقافة الشرق الغيبية، ولكن ما هي الأسباب العلمية والفلسفية التي يبرر بها المناظر إيمانه بتفوق ثقافة الشرق الغيبية؟
بحثت كثيراً في كلام المناظر وفتشت بين السطور عن الأسباب العلمية لإيمانه بتفوق ثقافة الشرق الغيبية، ولكن بلا جدوى. فرجعت لكتابه (رسالة المنبر إلى الشرق العربي) فلم أخرج بغير (قانون الرجعي) سببا في تفوق ثقافة الشرق الغيبية!
يرى المناظر أن العلم الحديث أكد وجود قوة مستترة في الإنسان أسماها العقل الباطن،