الملهى الذي تعمل فيه ليراها من بعيد، وأرسل من يطلب له تذكرتين عند الشاب من أبناء عمومته يعمل في (دار الهلال) وأبطأ عليه الرسول فلم ينتظر، فنهض ونهضت معه واتخذ طريقه إلى (عماد الدين). .
ووقف بالباب ينظر الصور ويقرأ الإعلان وهو يسألني:(أين اسمها؟ وأين صورتها؟ وأين. . . وأين هي!)
وطالت وقفته وهو ينظر إلى صورتها في إطار كبير إلى جانب الباب يضم صورتها إلى صور شتى من راقصات الفرقة ما منهن إلا لها جمال وفتنة، ولكن عينيه كانتا تنظران إلى صورة واحدة، إلى صورتها!
ثم تحول عن الباب مسرعا عجلان وهو يجمجم بكلام لا يبين
وقال لي وقد أسرعت إليه حتى حاذيته:(أيليق أن ندخل إلى هذا المكان؟ أتراه من المروءة؟ وددت لو رأيتها ولكن. .)
وانتهينا إلى قهوة (بول لور) فجلس وجلست، ومضى يتحدث عن السحر والشعر وفتنة الجمال؛ فما هي إلا لحظة ثم مرت بنا منحدرة من شارع فؤاد إلى شارع سليمان باشا، فأتبعها عينيه من نافذة إلى نافذة حتى توارت في مزدحم الناس ثم عاد إلى نجواه وشكواه. . .
وجلس مرة يتحدث إلى صديقه الأستاذ حسن مظهر محرر (اللطائف) عن ذات (الجمال البائس) فأهدى إليه صورتها؛ فما زالت هذه الصورة معه إلى أخريات أيامه لا تفارقه.
ولقد كان يحسن الظن بعلمها وفهمها، حتى ليحسبها من قراء الرسالة فتفهم ما كتب من مقالات الجمال البائس لتعرف موضعها من نفسه!
وكان لا ينفك يسأل:(أتراها علمت؟ أتراها قرأت. . .؟)
وما أحسبه لقي صاحبا من أصحابه إلا تحدث إليه عن صاحبة الجمال البائس. . .
جلست منذ قريب إلى الأستاذ توفيق الحكيم نتحدث عن الرافعي ونذكر من خبره فقص علىَّ، قال: (كان الرافعي يجلس على هذا الكرسي، من هذه الغرفة، وكان ذلك قبل منعاه بأشهر قليلة؛ ومضى الحديث بيني وبينه حتى جاء ذكر صاحبة الجمال البائس؛ فأخذ الرافعي يصفها لي وصفا لا أجد أبلغ منه ولا أجمل من صاحبته، وطاوعه القول على