ويتخلصون منها بضرب المقدمين ورؤساء العمل المصريين. وكان الذي يضرب منهم أحد هؤلاء يموت تحت السياط، وهذه ميتة أهون من الحياة الشاقة التي كان أبناء إسرائيل يحيونها.
وقد جاء رجل من أولاد عمي بني لاوي اسمه (موسى) كان هاربا من مصر من زمن. وقد عرفته كما عرفه كثيرون من أبناء أعمامي. وكان رجلا رحيما يبكي كلما رأى أحد بني إسرائيل يضرب ويصيح وتجري الدماء من جسمه، فكان في أول الأمر يزورنا في الليل ليواسينا، ولا يظهر في النهار مخافة أن يراه أحد فيعرفه، فاحبه الشعب المسكين وصار كل فرد منه يرضى أن يقتل في سبيل حمايته. وأقام سنين وهو على تلك الحال، وجعل يفهم الشعب أن وراء البرية أرضاً فسيحة يقدر أن يعيش فيها حراً ويجد فيها ماء وطعاماً. ولكن الشعب كان يخاف من البرية ولا يرضى أن يخرج من أرض مصر التي فيها عظام آبائه.
ولكن فرعون مصر عرف من جواسيسه أن هناك رجلا عبرانيا يحرض العبرانيين على العصيان والخروج. وقال له خدمه وعبيده إنه السبب في تجمع الإسرائيليين وتجمهرهم ومطالبتهم بعبادة إلههم على طريقتهم الخاصة. وقالوا له ان العبرانيين يتظاهرون بأنهم يريدون أن يسمح لهم بالخروج إلى البرية لتقديم الضحايا لألههم بعيداً عن أرض مصر، والحقيقة أنهم يريدون الذهاب إلى أرض الفلسطينيين والحيثيين لمساعدتهم على غزو مصر
فقال لهم فرعون:(وماذا ترون؟) فقال له عبيده (نرى أن تشغلهم وتضيق عليهم الخناق، فمر بمنع التبن عنهم حتى يضطروا لجمع الأعشاب الجافة ليصنعوا بها اللبن وطالبهم بأن يقدموا كل يوم ما اعتادوا ان يقدموه من قبل من اللبن اللازم للبناء)
فأمر فرعون بذلك ومنع خدمه من صرف التبن للشعب المسكين، وطالبهم بأن يقدموا له كل يوم نفس المقدار الذي كانوا يصنعونه من قبل من اللبن، مع قيامهم بجمع الأعشاب الجافة لاستعمالها بدل التبن الذي منع عنهم. فكان هذا الأمر غير ممكن. فعصا الشعب وامتنع وتجمهر وصاح بفرعون وخدم فرعون. وكان ابن عمي موسى يحرضا على العصيان ويأمرنا بالخروج معه إلى البرية، ولكنا كنا نخاف من ذلك فالموت مخيف وإن كانت العبودية صعبة.
وكثر التعذيب والضرب والقتل فينا حتى أننا ضجرنا وفزعنا، وسمعنا كلمة موسى وقمنا