٦ - من المقرر أن التنوين من خصائص اللغة العربية التي تستعمل كثيراً، والتي تؤثر في معنى الكلمات تأثيراً كبيراً. ومن الغريب أن كتب قواعد اللغة العربية لا تذكر شيئاً عنه إلا في أواخر الجزء الثالث منها؛ وذلك في بحث (الممنوع من الصرف) - وفي صدد (إعراب الممنوع من الصرف)(ص - ٦١)
وإذا أجلنا النظر في ذلك البحث وجدنا فيه استعراضاً طويلا للكلمات التي لا يجوز أن تنون، ولكيفية إعراب تلك الكلمات دون أن نجد فيه إشارة إلى مواطن استعمال التنوين، والمعاني المستفادة من التنوين، والعلاقة الموجودة بين التعريف والتنوين. . .
٧ - من الواضح أن أسماء الأعداد من أهم أركان اللغات؛ وهي من الكلمات التي تستعمل بكثرة خلال الحديث والقراءة والكتابة؛ غير أن كتب قواعد اللغة العربية لا تهتم بها ولا تذكر شيئاً عنها إلا في الجزء الثالث منها. كما أنها لا تفعل ذلك بصورة عرضية في بحث التمييز خلال استعراض الأسماء المنصوبة) في باب الأسماء المعربة. . . (ص - ١٣٠)
أنا لا أرى لزوماً حاجة إلى الإكثار من هذه الأمثلة، ولا إلى إطالة الشرح لإظهار مواطن الخطأ والشذوذ في كل واحدة منها غير أنني لا أود أن أختم ملاحظاتي على كيفية (التبويب والعرض) دون أن أشير إلى ما أعتقده في منشأ هذه المآخذ والأخطاء الغريبة وأسبابها - أعتقد أن أسباب كل ذلك تتلخص في نزعة واحدة وهي نزعة (الاهتمام بالأحكام النحوية وبمواطن الإعراب) أكثر من (الالتفات إلى المعاني المفهومة، ومواطن الاستعمال). كل شئ في الطريقة المتبعة في تبويب القواعد وعرضها يدل على أن الذين دونوا هذه القواعد وجهوا جل اهتمامهم إلى مسائل الإعراب، واعتبروها الغاية القصوى من دراسة اللغة، كأنهم ممن يعتقدون - ضمناً - أن جميع أبحاث قواعد اللغة يجب أن تبتدئ من وجهة نظر الإعراب، وتنتهي بتثبيت قواعد الإعراب، وتبوب حسب ما تقتضيه أحكام الإعراب؛ وأما المعاني التي تؤديها الكلمات والوظائف التي تقوم بها في تكوين العبارات فهي من الأمور الثانوية التي يجب أن تترك على الهامش، أو من الأمور التافهة التي يجب أن تهمل بتاتاً. . .
إن آثار هذه النزعة المخالفة لأهم أسس التربية والتعليم تظهر بكل وضوح وجلاء في الطرق المتبعة في قضايا (التبويب) كما شرحناها آنفاً، وتظهر بوضوح أكثر في الطرق