إن معظم التعريفات المدونة في كتب (قواعد اللغة العربية) مخالفة للقواعد المنطقية التي يجب أن تراعى في كل تعريف، ومنافية للأسس التربوية التي يجب أن يبنى عليها كل تعليم. . .
وأبرز أمثلة هذه المخالفة تتجلى في تعريف (اللازم والمتعدي) من الأفعال. . . هذا التعريف مسطور في الجزء الثالث من كتب الدراسة الابتدائية والجزء الأول من كتب الثانوية. . فإذا راجعنا كتاب الدراسة الابتدائية وجدنا فيه هذا التعريف:(يسمى الفعل متعدياً إذا نصب مفعولا به، ويسمى لازماً إذا لم ينصبه)(ص ١٠٦) فهذا التعريف لا يدعو إلى التأمل في مدلولات الأفعال لتمييز اللازم والمتعدي منها، بل يطلب النظر في تأثيرها في إعراب الكلمات التي تليها دون ملاحظة طبيعة الحدث المفهوم منها
وإذا استعرضنا جميع التفاصيل التي تتقدم هذا التعريف نجد أن جميعها تسير على نفس النمط: المفعول به هو الاسم المنصوب الذي وقع الفعل على مسماه. . قد ينصب الفعل مفعولا واحداً. . وقد ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. . . وقد ينصب مفعولين أصلهما ليس مبتدأ وخبراً. . . ويسمى الفعل متعدياً إذا نصب مفعولاً به، ويسمى لازماً إذا لم ينصبه. . . (ص١٠٥ - ١٠٦) هذه هي سلسلة الإيضاحات التي توصل إلى التعريف الآنف الذكر. . .
وأما إذا راجعنا الجزء الخاص بالدراسة الثانوية، وجدنا فيه أيضاً تعريفاً مماثلا للتعريف المذكور بعد كلمة عن رفع الفاعل ونصب المفعول به:
(إذا قلت انفتح البابُ، وفتح عليٌ البابَ، وتأملت الفعل في المثالين وجدت الأول رفع الفاعل فقط، ورأيت الثاني رفع الفاعل ونصب المفعول به. . . وكل فعل من النوع الأول يسمى لازماً، وكل فعل من النوع الثاني يسمى متعدياً. . . فاللازم مالا ينصب مفعولا به، والمتعدي ما ينصب المفعول به (ص - ٦٨)
إن نزعة إهمال (المعنى) والاستناد على (الإعراب) تتجلى في هذه الشروح والتعريفات بكل وضوح وجلاء، وتؤدي إلى التباعد عن جادة المنطق تباعداً غريباً؛ لأن الأسماء التي