عرفتُ أن أقول له فمن أين لي أن أستطيع لقاءها فأتحدث إليها؟)
قال:(اسمع: أتراها تقرأ؟)
قلت:(إنني لأعرف مما حدثني عنها أنها قارئة أدبية، وأنها من قراء الرسالة، وقد كان فيما أهدى إليها كتاب (أوراق الورد) وأحسبها تنتظر ما تكتب في هذه المشكلة؛ فقد حدَّثها صاحبها أنه كتب إليك. . .)
قال:(حسن! فسأجرب أن أكون شيطاناً بينهما، بل ملَكا يحاول أن يرد الزوج الآبق إلى زوجته بوسيلة شيطانية. .!)
وكتب الرافعي المقالة الأولى من مقالات المشكلة، وكان مدار القول فيها أن يتنقص صاحبَ المشكلة ويعيبه وينسب إليه ما ليس فيه مما ينزل بقدره عند صاحبته، ثم نشر أجزاء من رسالته إليه ودس فيها ما دس مما يوهمها أن صاحبها هو كاتبه؛ وإن فيه لما يعيبها وبثلبها ويضعها بازاء صاحبها موضعاً لا ترضاه. فلما فرغ مما أراد جعل حديثه إلى القراء يسألهم أن يشاركوه في الرأي ويحكموا حكمهم على الفتى وفتاته بعد ما جهد في تصويرهما في الصورة التي أراد أن يكون عليها الحكم في محكمة الرأي العام، وترك الباب مفتوحاً لترى صاحبة المشكلة رأيها في القضية فيمن يرى من القراء. . .
ولقيت صاحب المشكلة من الغد، فسألني:(هل رأيت الرافعي؟)
قلت:(نعم!)
قال:(ورسالتي إليه!)
قلت:(بلغته!)
قال:(وماذا يرى؟)
قلت:(ستقرأ رأيه في الرسالة بعد أيام!)
وأخفيت عنه ما كان بيني وبين الرافعي من حديث وما دبّر من خطة. . . ونشرت المقالة الأولى من (المشكلة)، ومضى يوم، وجاء صاحبي غاضباً يقول:(كيف صنع الرافعي هذا؟) لقد نحلني من القول ما لم أقل. أتراني قلت عنها كما يزعم: لقد خلطتني بنفسها حتى لو شئت أن أصل إليها في حرام وصلت. . .! لقد ساءها ما نحلني الرافعي من الكلام، وقد تركتها الليلة غاضبة لا سبيل إلى رضاها. . .!)