فمن الأوفق - من جميع الوجوه - أن نعتبر الضمير قسماً مستقلاً من أقسام الكلام، لا نوعاً من أنواع الاسم.
٢ - من المعلوم أن علماء اللغة يحصرون الفعل في الماضي والمضارع والأمر، لأنهم يعرّفونه بقولهم:(ما يدل على حصول عمل وحدث في زمن خاص) ويدعون أن اسم الفاعل لا يتضمن (الحدوث في زمن خاص) في حين أن الأمر يعني (طلب العمل بعد زمن التكلم).
إنني أرى في كل ذلك شيئاً من الجبر لطبائع الكلمات، لأن الأمر يدل - في حقيقة الحال - على (طلب العمل) فقط، ولا يدل على زمان العمل مباشرة.
لا شك في أن (الأمر) لا يمكن أن يعود إلى الماضي، والمأمور لا يمكن أن يعمل العمل الذي يؤمر به إلا بعد تلقيه، فيجوز لنا أن نقول بهذا الاعتبار:(إن الأمر يعود إلى المستقبل بطبيعة الحال).
غير أنه يجب أن نلاحظ على الدوام أن المعاني التي يستدل عليها من الكلمات والعبارات بنتيجة المحاكمات الذهنية شيء، والمعاني التي نفهمها منها مباشرة شيء آخر.
وإلا فإذا أردنا أن نسترسل في المحاكمات والتفسيرات استطعنا أن ندعي أن اسم الفاعل أيضاً لا يخلو من فكرة الزمن، كما أن اسم المفعول لا يختلف عنه في هذا الباب. فعندما يقال لنا (الطائر مجروح) نستدل من كلمة مجروح أن الطائر جرح قبلاً، وأن آثار الجرح لا تزال ظاهرة عليه. وعندما يقال لنا:(فلان نائم) نفهم من كلمة نائم أنه نام قبلاً، ولا يزال في حالة النوم. وعندما يقال لنا:(أنا ذاهب) نفهم من كلمة ذهب أن القائل يتأهب للذهاب.
ومن الغريب أن علماء اللغة العربية الذين يتناسون هذه الحقائق الواضحة يسترسلون في تأويلات غريبة لإظهار معاني الأزمنة المندمجة في أسماء الأفعال، فيقولون مثلاً:(آه) اسم فعل مضارع بمعنى (أتألم). و (هيهات) اسم فعل ماض بمعنى (بَعُد). و (هلُمَّ) اسم فعل أمر بمعنى (أقبِل). .
كل من ينعم النظر في هذه التعريفات والتقسيمات والتفسيرات الملتوية دون أن يبقى تحت تأثير الألفة المخدرة، يضطر إلى التسليم بأن كل ذلك يحتاج إلى التبديل والتصحيح، ويتطلب البحث عن تعريفات وتقسيمات جديدة.