عظمته، وناحية متينة من نواحي نجاحه، وسلكوه بها في ثبت كبار الساسة في تاريخ الأمم، ولا عجب فإنه ليندر أن نجد في سجل الأيام مجلساً حكومياً شعر أعضائه من معاني الاحترام والمحبة بمثل ما شعر به أعضاء هذا المجلس نحو رئيسهم. . . لا يستثنى منهم أحد، حتى سيوارد الذي كان يدل أول الأمر بتجاريبه ودرايته بأساليب الحكم والسياسة، ما لبث أن اعترف في نبل وكرامة نفس أن رئيسه أقدر منه وأجدر بذلك المنصب. . .
وكان أول ما تلقاه الرئيس من البريد في صباح اليوم الثاني لتسلمه العمل خطاباً من الجنرال أندرسون في حصن سمتر ينبئه فيه أنه ما لم يصل مدد إلى الحصن فإنه لا يقوى على الدفاع عنه أكثر من أسبوع. . . وكان أهل الجنوب وأهل الشمال على اتفاق ألا يهاجم أنصار الانسحاب من الاتحاد الحصن إلا إذا رأوا من أهل الشمال ما يبرر ذلك. . . وماذا عسى أن يفعل الرئيس إذن؟ أيترك حامية الحصن بلا مدد أم يرسل المدد فيتحدى بذلك أهل الجنوب؟ إن عليه أن يختار بين أمرين أحلاهما مرْ.
لذلك أخذ الرئيس يتدبر عله يجد مخرجاً، وهو على عادته طويل الأناة لا يخطو خطوة قبل أن يحسب لكل أمر حسابا، ولكن سيوارد يضيق ذرعاً بهذه الأناة وينصح للرئيس أن يأمر بإخلاء الحصن، وكذلك يشير عليه سكوت رأس جنده؛ وهو لا يرى ما يريان فالمسألة دقيقة شائكة. أو ليس التخلي عن الحصن معناه الاعتراف ضمناً لأهل الجنوب بصواب دعوتهم إلى الانسحاب؟ ثم أليس في ذلك خروج على ما أعلن الرئيس في خطبة الاحتفال؟ وهو أن أرسل المدد إلى الحصن ألا يعتبر عمله هذا تحدياً للثائرين فيكون بذلك هو الذي خطا أول خطوة نحو الحرب، الأمر الذي يحرص أشد الحرص أن يتجنبه؟. . . إذن فلابد من الروية والتدبر والصبر. . .
وجاء رجلان من الجنوب إلى العاصمة الشمالية كممثلين لدولة أجنبية يطلبان أن يفاوضا لنكولن على هذا الأساس، ولكنه رفض أن يلقاهما ولم يفعل أكثر من أن يرسل إلى كل منهما نسخة من خطبته. . وبقي الرجلان في العاصمة يجمعان الأنباء ويرسلانها إلى أهل الجنوب. . .
والصحف تهيب بالرئيس أن يأتي عملاً إيجابياً ولكنه صامت يفكر. . والرأي العام يغلي كالمرجل حتى لقد أطلق الناس ألسنتهم فيه بالسوء من القول، فالرئيس غِرٌ جبان، متورط