خمسة وسبعين ألفاً من المتطوعين، هرع إليه أكثر من تسعين ألفاً، وبعد شهرين وصل العدد إلى أكثر من ثلاثمائة ألف من البواسل الأمجاد.
وكان الموقف قبل وصول المتطوعين إلى العاصمة أشد ما يكون هولاً وخطراً. . . فلم يكن لدى لنكولن سوى ثلاثة آلاف، ولن يستطيع هؤلاء الدفاع عن العاصمة مهما كان من استماتتهم وشجاعتهم؛ لذلك سرى الخوف في المدينة وأيقن أهلوها أنها واقعة في أيدي الأعداء لا محالة
والرئيس ينتظر قدوم المتطوعين لإنقاذ المدينة من الخطر المحدق بها؛ ذلك الخطر الذي تشتد وطأته تبعاً لمسلك الولايات المحايدة وعلى الأخص فرجينيا؛ إذ كانت تلك الولايات تقف من النزاع موقفاً مبهماً ظن من أجلها أنها تلتزم الحيدة وإن كانت في الواقع تنزع إلى أهل الجنوب؛ وكانت فرجينيا أقربها موقعاً من وشنجطون لا يفصلها عنها إلا نهر ضيق. وسرعان ما أعلنت فرجينيا انضمامها إلى الاتحاد الجنوبي فبات العدو بذلك على أبواب عاصمة أهل الشمال، بل لقد كان البيت الأبيض على مرأى من الجند؛ لذلك شاع في الناس أن الجند سيعبرون النهر عما قريب فيستولون على مركز الحكومة ويسوقون لنكولن ومجلسه أسرى بين أيديهم. . .
وتزايد القلق وعظم الهول واشتد بالناس الكرب، والرئيس يسأل عن المتطوعين فلا يجد جواباً شافياً من أحد، حتى يصل إلى العاصمة قطار يهرول الناس على صوت صفيره إلى المحطة فتقع أعينهم على أول فرقة من فرق المتطوعين وهي فرقة نيويورك، وتعظم حماسة الجميع فيتصايحون ويرددون الأناشيد.
ويظل الرئيس يبحث عن القائد الذي يوكل إليه أمر هذه الحرب فلا يجد غير رجل يدعى (لي)، وكان يومئذ غائباً في فرجينيا وهو خير من يضطلع بهذا العبء، ولكن (لي) يرفض أن يأخذ قيادة الجيش، فيجزع لنكولن لهذا الرفض ويكتئب.
وبينما هو يبحث عن قائد غيره ينذره أهل بلتيمون، وهم الذين تآمروا من قبل على قتله، أنهم لا يسمحون بمرور جند في ولايتهم لأنهم محايدون. . . وينقضون بعد ذلك على فرقة قادمة من مساشرست، كانت من أقوى الفرق وأعظمها نظاماً، فيقتلون عدداً منها ويجرحون عدداً، ويحمل الجرحى على محفات إلى وشنجطون، فتلهب جراحهم حماسة القوم وتستثير