عليها مكتبة الإسكندرية قد أتلفت إتلافاً تاماً حين حوصر يوليوس بالإسكندرية.
ومهما يكن من أمر الخلاف حول عدد مرات حريق هذه المكتبة العظيمة فأن الآراء جميعها متفقة على أنها قد تلاشت قبل الفتح الإسلامي بقرنين، وإنه لم يكن في الإسكندرية حين الفتح العربي ما يحرق من الكتب.
وحوالي عام ٤١٤ م. زار أورازيوس الإسكندرية وذكر إنه وجد رفوف هذه المكتبة خالية من الكتب، وفي ذلك أكبر دليل على تبرئة العرب من هذه التهمة الشنيعة التي حملت عليهم زوراً.
شهادات المستشرقين
ونود بعد الذي فصلناه في هذه الكلمة العجلى أن ندلي بشهادات بعض المحققين المستشرقين في الموضوع:
قال مسبرك في كتابه (الادعاءات الكاذبة): (إن الإفرنج هم الذين أحرقوا خزانة الإسكندرية). وقال بونه موري في كتابه الإسلام والنصرانية نقلاً عن فوت واهلويلر في كتابهما (جنايات الأوربيين) إن تيوفيل هو الذي أحرق خزانة الإسكندرية لا المسلمين، لأن الدين الإسلامي لا يبيح إحراق الكتب.
وقال غريفيني من علماء المشرقيات في إيطاليا: بعد أن فتح عمرو بن العاص الإسكندرية مرت ستة قرون كاملة لم يسمع خلالها قول لمؤرخ مسلم أو غير مسلم يتعرض لاتهام عمرو بن العاص بإحراق خزانة الإسكندرية. وينقض هذه التهمة ما اشتهر به عمرو من سياسة اللين والتساهل التي جرى عليها وشهد له بها أشهر المؤرخين النصارى الذين كانوا في عهده، كيوحنا النيقيوسي في كتابه تاريخ مصر الذي وضعه باللغة الحبشية القديمة.
وقال بونه موري أيضاً: يجب أن نصحح خطأ شاع طول القرون الوسطى، وهو أن العرب أحرقوا خزانة الإسكندر بأمر الخليفة عمر، والحال أن العرب في ذلك العصر كانوا أشد إعجاباً بعلوم اليونان وفنونهم من أن يقدموا على عمل كهذا، كما أنه معلوم أن قسماً من تلك الخزانة كان قد احترق في أثناء ثورة الإسكندريين التي باد فيها أسطول قيصر، وأن قسماً آخر أحرقه النصارى في القرن السادس، واختط العرب الفسطاط وتركوا للقبط ممفيس ولم يتعرضوا لهم في دينهم وعاداتهم، وأطلقوا لهم الحرية في انتخاب البطريرك وبناء