الكنائس. وغاية ما أبطل عمرو من العادات القديمة، هو ما كانوا جارين عليه من زمان الوثنيين من رمي فتاة في النيل كل سنة التماسا لفيضانه
وقال أرنست رينان في خطاب له في المجمع العلمي الفرنسي:
. . . لست أعتقد أن عمراً هو الذي أحرق خزانة الإسكندرية لأنها أحرقت قبله بزمن طويل
وذكر أكبرسيم في كتابه لم تحرق مكتبة الإسكندرية التي قال بعضهم إنه كان فيها نحو سبعمائة ألف مجلد على يد الأمام عمر ولا بأمره كما جاء في بعض المصادر. فإن هذه الدعوة من الأغلاط التاريخية العظيمة، إذ لم يكن أثر لهذه الخزانة عندما فتح العرب مدينة الإسكندرية
ومع كل هذه الشهادات، وظهور الحق الجلي في هذه الغلطة التاريخية الكبرى، فهناك من لا يزالون متمسكين بهذه الأكذوبة المختلقة على العرب، ويستندون في تأييدها إلي أقوال هي في قوتها أوهى من خيوط العنكبوت، وسنورد فيما يلي بعض هذه الأقوال والروايات وندلل على فسادها
يزعم بعض المؤرخين أن من لفق هذه الرواية على العرب هو أبو الفرج بن العبري في كتابه (تاريخ مختصر الدول) وروي ذلك العالم الإنجليزي جبون في تاريخ سقوط دولة الرومان قال: إن هذه الفرية على المسلمين قد لفقها أبو الفرج العبري في تاريخه مختصر الدول، وذلك بعد الإسلام بنحو ستة قرون، ولم يتعرض قبله أحد لذكرها من المؤرخين) وذكر أرفنج أن هذه الفرية لم يكن لها ذكر قبل ترجمة مختصر الدول إلى اللاتينية. على أننا لسنا نعتقد بصحة هذا الزعم، إذ تبين لنا أن أول من نسب هذه التهمة إلى عمرو بن العاص والفاروق هو عبد اللطيف البغدادي إذ ذكرها في كتابه (الإفادة والاعتبار ص ٢٨) وكان قد ألفه قبل ولادة أبي الفرج عام ١٢٦٦ م.
رواية عبد اللطيف:
ففي أواخر القرن السادس للهجرة زار عبد اللطيف مصر وكتب عن مشاهدها وآثارها وذكر إحراق العرب لهذه المكتبة قبل أن يولد أبو الفرج ببضع وعشرين سنة وإليك نص عبارته: (ورأيت أيضاً حول عمود السواري من هذه الأعمدة بقايا صالحة بعضها صحيح