بين يديّ الساعة آخر رسالة من رسائلها إلى الرافعي. بعثت بها إليه قبل منعاه بقليل. ليت شعري كيف انتهت قصة هذا الحب؟
٣ - وهذه رسالة من (حلب) يدهش كاتبها أن يرى صورة (الشيخ) مصطفى صادق الرافعي مطربشاً حليق اللحية أنيق الثياب، فيكتب إليه:
(. . . لقد رأيت رسمك يا مولاي فتأملته. . فوجدته من أناقة الجلباب ومظهر الشباب على حظ. فهل لك يا مولاي في مجاراة المدنية ومماشاة الحضارة رأى دعاك إلي هذا المظهر الأنيق؟. . .)
٤ - وتلك رسالة من (دمشق) وقع كاتبها في هوى مغنية مشهورة، يحسن الظن بها إحساناً يمثلها لعينيه مَلَكا أنثى؛ لا يترك مجلساً من مجالس غنائها، ولا يفكر في خلوته إلا فيها. .
ثم يأتيه النبأ أنها قد سُمِّيتْ على رجل من ذوي اليسار والنعمة، وأنها موشكة أن تصير له زوجة، فيطير به هذا النبأ ويؤلمه أيَّما أيلام؛ فيكتب إلى الرافعي يقول:
(. . . إن خطيبها على غناه رجل فاسد الخلق، متقلب القلب، دنس الذيل؛ وأنا على يقين أنها ستشقى به وقد خفيت عنها حقيقته. وأنا أحبها وأشفق عليها وأتمنى لها السعادة. . .
(هل يجب عليُّ أن أقف وقفة المحذر بإقناعها بالعدول عن هذا الزواج الذي لا أتوقع له إلا نهاية واحدة قريبة، أو ألزم الصمت وأدع الأمور تجري في مجاريها وأقطع علائقي معها فأرد لها صورها ورسائلها احتراماً لهذا الزواج من الناحية الشرعية وأدفن ذلك الحب لها في ركن من أركان قلبي؟)
٥ - وذلك طالب في الجامعة، له دين وخلق ومروءة، بلغ مبلغ الرجال وفار دم الشباب في عروقه فتسلّطت عليه غرائزه، تغالبه شهواته فلا يكاد يغلبها، ولا يجد له سلطاناً على نفسه أو وسيلة لقمع شهواته إلا أن يحبس نفسه أياماً في غرفته الموحشة، ومع ذلك لا تزال (المرأة) تتخايل له بزينتها في خلوته وفي جماعته، فليس له فكر إلا في المرأة، وأنه ليخشى الله، وما به قدرة على الزواج، ولقد جرب الصوم فما أجدى عليه، وقد أوشك أن يفقد نفسه بين شهوات تتجاذبه ودين يأبى عليه. . . فماذا يفعل؟
٦ - وهذه فتاة متعلمة، تعيش بين أبيها وزوج أبيها في هم لا يطاق، كل سلوتها في حياتها أن تقرأ، وهي لا تحسن عملاً ولا تجد لذة في عمل غير القراءة، ولكنها تنكر موضعها بين