ثيابه، وإهابه، ويرن أبداً بين أذنيه صوت القصاص. . .
أنتم. . . أنتم. . . وفيكم اليوم ما يخيف: اليوم يعلمون حق العلم أن هؤلاء الذين أمامهم هم هم الذين عرفوهم، منذ قرون تحت أسوار أورشليم. واليوم يعلمون حق العلم أن أولئك الفرسان الذين يسابقون الريح في خطوط النار، هم هم الفرسان الذي كان يرتفع غبارهم وراء رايات صلاح الدين في حطين. . .
وكل عربي اليوم صلاح الدين. وكل بلد عربي اليوم حطين
أيها المؤتمرون:
أتقولون اليوم: إن فلسطين لأهل فلسطين، وأن ما يقترف في فلسطين اليوم دونه مآسي تيمورلنك، ونيرون، وجنكيز؟ أم تقولون أن العرب لن يرضوا بعد اليوم بعَظْمة يهودي صهيوني واحد ترمى في فلسطين؟! هذه العظمة المنتنة التي عافتها أنوف العالمين، أتقولون هذا؟ حذار! حذار! فالسلم العزيز الرهيف النحيف إذن (يتوعَّك والتوازن الدولي الجليل الحسَّاس يختل ويغضب، والدنيا تصبح في خطر، وأصحاب الضمائر والعهود الصادقة لن يرضوا في حال من الأحوال أن ينكثوا بعهد قطعوه، ووعد منحوه على حساب شعب برئ آمن مطمئن!
السلم، والمدنية، وحق تقرير مصير الشعوب؛ كل هذا هو الحسان اللواتي لسواد عيونهن قاموا وقعدوا، وأرغوا وأزبدوا، يوم حطم موسوليني تحت سنابك خيله أعرق تاج في ربوع الحبشة
واليوم لسواد عيون هذه الحسان نفسها، يجلون في فلسطين شعباً كاملاً عن وطن آبائه وأجداده ليحلوا محله حثالات الشعوب فهم يخربون المدن، ويقطعون السبل، ويحاصرون الآمنين، ويروِّعون النساء، ويقتِّلون الأطفال. كل هذا لأجل السلام! ووفاء بالعهود والوعود!
أفتدرون، يا قوم، ما الفرق؟
الفرق هو أن يد موسوليني يد قاسية تؤلم إذ تضرب وتوجع. . وأما يدهم فناعمة رهفة، فهي - إذ تضرب - كأنها تربت وتلاعب وتغازل. . .
إذن اضربونا، اضربونا ما أجمل هذه الأيادي وما أشد نعومتها!. . وما أحلى ضرباتها، يا