أيها السلم، أيها التوازن الدولي، أيتها المعاهدات والوعود! أيتها الحسان الزرق العيون، يا معبودات تشمبرلن وديلاديه خذوني، وضموني بين ذراعيكم إلى صدركم الجميل!. .
يا لله، ما أعجب شأنكن! أنتن في أحلام الشعراء، وعلى ألسنة الساسة، وفي كتب القانون، تلك (المروحة) أمام وجه الإنسانية الثائرة المحمومة، تخفف عنها وطأة الحر والحمى!. . أنتن عند هؤلاء رسل الحب والقبل بين الناس. . . وأنتن - في الواقع الملموس - ذئاب تعوي، وأرانب تفر، وثعالب تمكر؛ بل أنتن هذا الثوب الفضاض الجميل الذي يحيكونه في لندن وباريس ليحجبوا به عن الأعين الدم القاطر من أيديهم! أنتن - كما قيل - (القفاز الأبيض في اليد الحمراء)، (أنتن النقاب الخادع يستر الوجه الكاشر، والطرف الغادر)، (أنتن حجة ذئب (لافونتين) يفرضها على الحمل الضعيف)، (أنتن معاني الظلم والعنف واللصوصية والاغتصاب تختبئ في مصطلحات القوانين!. . أنتن. . أنتن كل ما بلغت الإنسانية، بعد جهاد قرونٍ، من قدرة على الكذب والتمويه!
سمعنا، يا حسان؛ أن أباكن ويلسن، هذا السياسي الطيب القلب سياسي الكتب والأحلام، قد أقام لكن هناك على ضفاف بحيرة (جنيف) الساحرة مقراً منيفاً ترسلون منه إلى العالم أجمع قبلات الحب والأخوة، ورسائل السلام والوئام، وتبعثون منه، وإلى السماء صلوات المثل العليا!. .
اسمعنا: أن هذا القصر الذي شدته بيديك الطاهرتين المشبوبتين ليكون هيكلاً مقدساً لصلوات نسَّاك الحب والمساواة والسلام، أصبح اليوم حانة من حانات الليل، تدار فيها خمور الشهوات، وتدفع بالثملين معربدين في أجواء العالم، وبقاع الأرض، عائثين فيها كاشرة أنيابهم، محمارة عيونهم، مفتحة خياشيمهم، معكرين على الإنسانية صفوها، منغصِّين عليها أحلامها!. .
أصبح اليوم داراً من دور الميسر تلهو به الأمم الكبيرة لا الأفراد، و (الروليت) هناك تدور وتدور، و (القبيش) يرتفع ويهبط، وهي في هذا الدوران والارتفاع والهبوط تدور معهما