فيهم إلا (توطيد النفس على عدم تقسيم فلسطين العربية) وهي تصف في دقة الشهامة العربية التي مهدت السبيل للعرب في أمسهم الدابر لأن يكونوا سادة أهل العصور الوسطى.
وتقول المؤلفة (أن عجلة الزمن تسير في وناء في هذه البلاد (فلسطين) التي يرجع تاريخها لا إلى عدة قرون فحسب، بل إلى آلاف السنين الغابرة. وإن التلال الخالدة، والصخور الباقية منذ القدم التي شهدت مجيء إبراهيم بعائلته، وأطلت على قطعانه وقومه، لتشهد اليوم أرضاً قد ألقيت البغضاء بين أهلها. وإن العرب واليهود ليقفون اليوم وجهاً إلى وجه متخاصمين متنابذين. لقد كان أحد الخصمين يرتكن من قبل على ماله وثرائه في نيل مطالبه، أما اليوم فتؤيده القوات، ويشد أزره أعضاء منه في مختلف الحكومات، وأما الخصم الأخر فلا يملك غير إيمانه بحقه، وإنه ليستشهد مقبلاً غير مدبر، باسماً غير عابس، راضياً غير مكره، حتى ينال مطلبه أو يموت دونه شهيداً)
وهكذا نري المسألة الفلسطينية اليوم لم تعد شغل الساسة فحسب، بل كان من آثارها هذه الكتب التي تتناول فلسطين من نواحيها المختلفة، كما استطاع العرب بفضل ثباتهم أن يجتذبوا إلى جانبهم العطف الأدبي عند كثير من رجال الحكومات المختلفة.
من الأستاذ الكرملي إلى المرحوم الرافعي
(لما أصدر المرحوم الرافعي كتابه (وحي القلم) في يناير سنة ١٩٣٧ أهدى نسخة منه إلى صديقه العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي عضو المجمع اللغوي؛ فبعث إليه بالرسالة التالية وفيها مسائل لغوية يطلب حلها، وقد وقعت لي هذه الرسالة بين ما خلف الرافعي من أوراق، ولم أعلم ماذا كان رد الرافعي عليها، فآثرت نقلها إلى قراء الرسالة ليروا رأيهم في هذه المسائل اللغوية التي تناولتها رسالة العلامة الكرملي. وهذه هي الرسالة:
إلى حضرة فخر بلغاء المصريين الأستاذ الجليل مصطفى صادق الرافعي، رفعه الله إلى أعلى مقام
أبدأ كلمتي هذه بتأدية عبارات الشكر الصادق للهدية التي أطرفتني بها وأنت نابغة بلغاء مصر على ما أعتقده في صميم القلب.
وأحسن دليل لذلك أني اقتنيت جميع مؤلفاتك وزينت بها خزانتي فأرجع إلى مطالعتها الفينة