تدخل في حساب الدين، فالمقصد الطهارة وقد حصلت بالوضوء، ولا ينظر الدين إلى ما وراء هذا. والمسألة الثانية أنهم أدخلوا في الدين ما ليس منه كمسألة الأزياء والملابس، فألف بعضهم كتاباً في سنية العمامة. وما لبس النبي العمامة إلا لأن بيئته كانت هكذا تقتضي، ولو نشأ في بيئة أخرى تلبس غير العمامة كما يلبسون، لأنه عليه السلام ما جاء لتغيير الأزياء، ولكن لتغيير العقائد.
بهذا الحشو وأمثاله امتلأت كتب الفقهاء، وبهذا وأمثاله يضيع الذين يتعلمون العلوم الدينية زهرة شبابهم، وصفوة عمرهم وقوة تفكيرهم، حتى إذا انتهوا منه كانوا بعيدين عن الدين مراحل عديدة، مقدارها ألف وأربعمائة سنة.
لقد جرى إصلاح في منهج دراسة الدين في بعض المعاهد الدينية، وينبغي أن يجري الإصلاح أيضاً في مادة الدراسة الدينية، وذلك يكون بأمرين: الأول: دراسة اللغة العربية بطريقة سهلة غير طريقة الكتب التي تدرس الآن. والثاني: دراسة القران نفسه، وأخذ الأحكام والأخلاق والمعارف الدينية منه بقطع النظر عن المذاهب، وطريقة ذلك كما يلي:
١ - في دور التعليم الابتدائي
من اللغة يعطي التلاميذ جملاً وقطعاً من منثور الكلام البليغ بقدر ما تتسع طاقتهم لحفظه، ومن الغلط أن يختار لهم من أقوال العصور المتأخرة، فإن القصد أن يقروا من لغة القرآن، وتتجنب ألفاظ الغربية. وكل ما شاكل ألفاظ القرآن فهو مأنوس وليس بغريب. وكلما ارتقى التلاميذ يزداد لهم في المقدار الذي يحفظونه. وعند شرحه بكلمة أو كلمتين؛ ويستطيع المعلم الحاذق أن يبين للتلاميذ موقعاً لكلمة من رفع أو نصب الخ باختلاف الجمل، وبالتكرار تنطبع في ذاكرتهم، فيتعودون النطق الصحيح بسهولة، وبممارستهم الكلام البليغ يتربى فيهم الذوق العربي. وبعد الثالث الابتدائي تشرح لهم الجمل شرحاً نحوياً بسيطاً ويزداد كلما ارتقوا. ومن الرابع فصاعداً تكون اللغة الفصحى لغة الدراسة في جميع المواد ولغة التخاطب، ويستعملون ما حفظوا من الكلام البليغ. وليس هذا غريباً بين العرب، حتى ولا بين غيرهم، فإن الإنكليزية لغة الدراسة والتعليم في جميع مدارس الهند، وليست أسهل من اللغة العربية. هذا من اللغة.
ومن القرآن يحفظ التلاميذ أكبر قسط يمكنهم على الترتيب: من سورة الناس فصاعداً.