للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عجيباً جدَّا أن يكونوا جميعاً بهذا العمى! ولقد أصبحت الآن، بعد هذه السنين الطويلة، أعجب لما كان لي من ثقة بالنفس لم يكن يشجع عليها شيء! واعترض طريق حياتي رجل بادن يقال له (ماَّسي) أبَجَلّ الآن وأحيَّي روحه المرح لأنه كان أول من تفضل عليّ بالتقدير. ومع أن تقديره ذاك بدا لي في ذلك الحين طبيعياً، بل حقا من حقوقي، فإني الآن لأعجب لهذا التقدير من الرجل؛ في أي تربة نبَت؟!

كان (ماَّسي) ضخم الجسم شاحباً غائض دم الوجه. وكان يشرك (كرتسي براون) في وكالة أعمال أدبية. وقد أبدى لي رغبته في استخدامي لعمل خاص بتلك الوكالة الأدبية على أن يوظف لي جنيهات قليلة كلَّ أسبوع. وبهذا الروح المرح قذفت بعمل التدريس الذي كنت أمقته. وا كتريت حجرة أرضية صغيرة في (شلسي) أجرها الأسبوعي ريال واحد! وهكذا بدأت حياتي الأدبية. .

كانت فكرة (ماَّسي) أن أضع كتاباً يبحث قي طرق توجيه الناشئة. غير أنه لم يكن عنده، ولا عندي، رأى ما في الموضوع!. غير أن الرجل ظلَّ يدفع لي المال الذي وعد به عاماً كاملاً. وهو شديد يحقق تلك الثقة بي؛ وأخشى ألا أكون قد صنعت شيئاً يحقق الثقة العمياء!!

أكملت قصة (الحصان الخشبي) وكان على بعد ذلك أن أبحث عن ناشر. . وإني لأذكر كيف كتبت أسماء كافة الناشرين في (بريطانيا العظمى) على رقعة طويلة من الورق. وكنت أظن حينذاك أنني سأبعث بالكتاب إلى كل هؤلاء الناشرين تباعاً، بعد أن أنتزع عنه اسمي واضع مكانه اسماً مستعاراً هو (م. س) لأنني كنت قد قرأت الكثير عن العبقريات المبتدئة، وعلمت أن العبقري الناشئ لابد أن تردَّ عليه قصته التي تحمل اسمه المستعار - بدلا من اسمه المجهول - مرات كثيرة، قبل أن يحين يوم حظه السعيد! وكان قد أول نشر وقع عليه اختياري هو (سميث إلدر). . لأنه كان قد نشر أعمالاً ناجحة كثيرة. وكان يخيل إلي أن كتابي يجيب أن تظل آمالي فيه معلقة بهذا الناشر بضعة أسابيع. .!

ولقد كنت في تلك الأيام سعيداً إلى غير حد، إذ كان يسيراً جداً أن أعيش بمائة وخمسين جنيهاً في العام. كنت طليقاً، وكان لي أصدقاء في لندن؛ وإن لم يكونوا بكثرة أصدقاء واحد من رجال الأدب بعد. وإني لأذكر كيف كان يروقني أن أتروض بالسير في (طريق الملك

<<  <  ج:
ص:  >  >>