في شلسي) وكيف كنت أقول لنفسي حين أبصر السابلة:(سيأتي يوم يقف فيه هؤلاء للناس وسط طريقهم ويشيرون إلى وهم يقولون (هذا هو والبول يمشي هناك!)
وكان إلى جانب النهر مطعم كنت استمرئ فيه وجبات طعامي، وكان الفنانون يجيئون فيحتلون منضدة متوسطة، وهم يضجون في مرح. ولقد كنت أشعر بأن جوهم يحتضنني أيضاً. وكثيراً ما كنت أغشى مرقص أو داراً للتمثيل، كلما كان ذلك في طاقة نقودي. ولم يكن لي من الرغبات ولا المخاوف شيء في الحياة!!
وعدت إلى غرفتي يوماً ووجدت خطاباً من الناشر، يقول في بلغة بالغةٍ حَّد العظمة والكبرياء (إنهم سيطبعون كتابي) ولقد قرأت هذا الخطاب مرات ومرات. ثم أصابتني حمى الفرح!. ويستطيع المؤلفون أن يقولوا لك إن سعادة في الدنيا لا يمكن أن تقاس إلى سعادة المؤلف بقبول الناشر إخراج كتابه الأول! وفي الحق، لقد مرت بي إلى ذلك الحين لحظات كثيرة من السعادة، ولكنها جميعاً لم تكن تعدل سعادتي بذلك الخطاب.
ووثبت إلى الطريق والخطاب في يدي، وهرعت إلى المطعم العتيد واندسست بين الفنانين الجالسين؛ وبرغم أنى لم أكن أعرف أحداً منهم فقد حدثهم بما صادفني من حسن الحظ. فشربوا نخبي، وبعد الغداء اصطحبوني إلى (استديو) أحدهم، ومن هذه اللحظة؛ أحسست أن حياتي قد بدأت!
بعد ذلك توجهت لزيارة دار (سميث إلدار) للنشر والتقيت بالمستر (ريجنالد إلدر). وإني لا أتصور الآن أن في دار من دور النشر مثل ما كان في غرقته من الفخامة والعظمة والأبهة! وقد كان رجلاً طويلاً له سالفتان من شعر كثٍ تتدليان إلى جانب صدغيه، كما كانت تبدو عليه الهيبة التي كانت تلازم رجال النشر في تلك الأيام!
ودعا لي الرجل بالتوفيق، وبعد ذلك عرَّج على حديث سوقيّ! قال إن الوقت عصيب بالنسبة للناشرين، ولهذا لم يكن في وسعه أن يدفع لي شيئاً من المال عن النسخ الثمانمائة الأولى من كتابي. وبعد بيع هذا العدد من النسخ يكون لي حق النشر في ثمن ما يباع. ولم يسترع قوله اهتمامي، إذ لم يكن يعنيني شيء سوي أنني لن أدفع شيئاً!.
ولقد كان (ريجنالد سميث) رجلاً طيباً، كما يبدو من اسمه. فأخرج (الحصان الخشبي) في غلاف رائع بالألوان. وبعد شهرين فقط رأيت في محل أحد باعة الكتب النسخة الأولى من