عبادا على ولاية مصر، وأخرجوا والي الأمين من الفسطاط فثبت المأمون عبادا في هذه الولاية.
ولما علم الأمين بما حدث في مصر من خلعه وإخراج عامله كتب إلى ربيعه بن قيس (رئيس قيس بالحوف) بولايته على مصر وكتب إلى اليمانية يطلب إليهم أن يقوموا بمعاونة قيس هذا فأظهروا دعوة الأمين وخلع المأمون، وخرجوا إلى الفسطاط، ودارت بين الفريقين مناوشات وحروب كان النصر فيها في جانب أنصار المأمون. على أنه لما بلغ قيسا قتل الأمين (المحرم سنة ١٩٨هـ) وبيعة المأمون تفرقوا - شأنهم في الفتن التي اشتركوا فيها.
هذا ما كان من أمر اشتراك عرب مصر في الفتن الخارجية وهي فتن سياسية في جملتها وإن كانت قد أُلْبِست لباس الدين، ليكون تأثيره في النفوس أقوى وأشدَّ
ولا يعزب عن بالنا ما كان من الانقسامات المذهبية التي شطرت العالم الإسلامي شطرين: سنة وشيعة. ولقد كان لكل من هذين المذهبين في مصر أنصار وأعوان، كما كان بها أيضاً أنصار لمذهب الخوارج الذين اعتزلوا علياً، فضلا عما كان لظهور المذاهب الأربعة من التأثير في مصر حيث ساد مذهب مالك في القرن الثاني للهجرة، وظل على ذلك نحو قرن ثم ساد بعده مذهب الشافعي، وبقى على ذلك إلى اليوم، وإن كان التأثير من هذه الناحية لم يظهر في ثوب عدائي مصحوب بفتن وحروب
وعلى الجملة فقد كان عمل الجند العرب في مصر ينحصر في عدة أمور
١ - القيام بالفتوح الخارجية لتأمين مصر من الغرب والجنوب
٢ - الاشتراك في الغزوات البحرية التي قام بها الخلفاء الأمويون والعباسيون ضد الدولة الرومانية الشرقية أو القضاء على المحاولات التي بذلتها هذه الدولة حيناً بعد حين لاسترداد مصر
٣ - قمع الثورات الداخلية التي كان بها المصريون في وجه الولاة
٤ - الاشتراك في الفتن التي قامت بين الخلفاء والخارجين عليهم أو المنافسين لهم
وطالما انقسم العرب في مصر على أنفسهم إلى فريقين: فريق يناصر الخليفة وفريق يناصر الخارج عليه والمنافس له