للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

سرية لا تمكن أي مدرس من أن يعرف أوراق أي تلميذ، فعلام هذا التحوط وعلام كل هذا الخوف؟

أما الأرقام السرية في الامتحانات فحدث عنها وعن أهميتها ولا حرج، فقد كانت في بادئ الأمر توضع على جميع الأوراق التي يدون عليها التلاميذ إجابتهم في الامتحانات العامة كامتحان الشهادة الابتدائية وشهادة الدراسة الثانوية، ثم انتقلت عدواها إلى أوراق امتحان النقل في جميع مدارس التعليم العام في أنحاء المملكة المصرية بناء على قرار وزاري خاص فأصبحت هي السر الهائل من أسرار لجان الامتحان الذي إذا حاول أي إنسان كشفه لأي غرض كان نفسه لأشد العقوبات ولأعظم النكبات، ولا يتولاها من عرف بحفظه للأسرار وكتمانه لها كتماناً تاماً. ولكم وجدت لها ضحايا من رجال التعليم بين آن وآخر من الذين لا يعملون بإحكام على كتم مكنوناتها وصون أسرارها العتيدة. وبالرغم من نظر الرسميات لها هذه النظرة فهي في نظرنا اللطمة التي تصيب سنوياً صميم الثقة العامة برجال التعليم، وهي الصفة القوية المؤلمة التي يصفون بها جميعاً في كل عام مرتين من غير أن يعيروها أدنى اهتمام بعد أن اعتادوها ودرجوا عليها. ولكنهم لو تأملوها لأدركوا أن هذا التحيز الذي يتهمون به، وتلك المحاباة التي يرمون بها، ويخشى من أجلها على تلك الوريقات أو الشهادات التي يتسلمها الطلبة، والتي أصبحت اليوم تافهة القيمة لا تقدم الشخص في حياته ولا تؤخره، وأن تلك الروح المعقوته التي يوصفون بها - ما هي إلا لطخة في جبينهم لا يقرها إنصاف ولا عدل. بل هي نكبة من النكبات التي أصيبت بها الثقة العامة برجال التعليم يندى لها جبينهم وتحترق لها أفئدة المخلصين منهم على مدى الأيام، وسيظل الضمير العام لرجال التعليم متألماً، وسيظلون أبداً وراء صفوف الهيئات والطوائف الأخرى ومحل عدم اكتراثها، وستظل مصر مجافية لروح التجديد والإصلاح في تكوين ناشئتها ما دام هذا النوع من العمل قائماً؛ فهي الامتهان للكرامة بعينها والقضاء على الثقة بكامل معانيها، ولن تقوم لرجال التعليم قائمة إلى أن يتخلصوا من هذه الوصمة التي أصابت ضميرهم وصميم الثقة بهم. وإنها لبدعة دنلوب تحمل بين جنبيها التناقض الصريح في جعل المدرسين أنفسهم يمتحنون الطلبة الامتحان الشفوي في اللغات حيث يكون من السهل معرفة التلميذ للممتحن ومعرفة الممتحن للتلميذ. ومع كل ذلك فقد تمسكنا بها تمسكاً

<<  <  ج:
ص:  >  >>