فكأنما أراد ماكليلان في ذلك الوقت أن يكيد للرئيس، أو كأنما أراد أن يخلق مشاكل جديدة يتخذ منها ذريعة لهذا الجمود فلقد كتب إليه ينتقد الموقف الحربي كله في جميع الميادين ولم يقتصر على شؤون الحرب، بل راح ينتقد الحكومة في جميع شؤونها!
وتقدم القائد بعد ذلك نحو رتشمند تقدماً بطيئاً، فأدى ذلك إلى أن أرسل الثوار المدد إلى جيشهم الذي كان في طريقه لتهديد وشنجطون، وهنا لا يتردد ماكليلان في أن يرسل إلى وزير الحربية قائلاً إنه يزمع أن يتراجع. ومما جاء في رسالته قوله:(إذا أنا نجيت هذا الجيش فأني أقول لك في بساطة إني في ذلك لن أدين لك بشكر، لا ولا لأي شخص في وشنجطون، فلقد بذلتم قصارى جهدكم لتحطيم هذا الجيش)
وكان القائد لي في ذلك الوقت يزف على وشنجطون، وكان على حمايتها بوب أحد قواد الشمال ومعه ثمانية وثلاثون ألفا من الرجال ولكن جيش لي كان أكثر عدداً وأشد بأساً؛ وتبين أن خير وسيلة لرد لي عن وجهته أن يبادر ماكيلان بالزحف على رتشمند لا أن يتراجع ويتباطأ كما فعل
ولما يئس الرئيس منه في هذا السبيل أرسل إليه يدعوه لحماية العاصمة، ولكنه أبى أن يطيع حتى هذا الأمر وكتب يقول إنه سيجيبه إلى ذلك (إذا رأى الظروف تسمح به) وكان ذلك في شهر أغسطس، ولقد عاد الرئيس فكتب إليه يطلب إليه القدوم بكل ما في وسعه من سرعة وأبرق إليه القائد هاليك يستحثه ولكنه لم يأبه بذلك كله ولم يصل إلا بعد شهر من هذه الدعوة. . .
وكان أمراً طبيعياً أن تنزل الهزيمة بالقائد بوب وأن تبيت وشنجطون معر ضة للسقوط؛ ولقد عاود الذعر هذه المدينة على نحو ما حدث غداة الهزيمة في معركة بول رن، بل لقد كان الموقف يومئذ أشد هولا؛ إذ اختلفت وجهات النظر في مجلس الوزراء واحتدم الجدل في المجلس التشريعي، وارتفعت الأصوات بطلب عقد الصلح مع الجنوبيين، الأمر الذي خيف منه أن يؤدي إلى انحلال العزائم. . . ولكن لنكولن وحده بقي على عزمه وثباته يعالج الموقف بالصبر والحزم ويهيب بالرجال ألا يتخاذلوا وينكصوا على أعقابهم. . .
ولقد كان للناس من هذا الصبر والثبات مثل ما يكون من النصر في معركة، وبذلك تضاءل فزعهم وعادت إليهم الثقة ووقفوا إلى جانب رجلهم