ثم إن الرئيس ضم عدداً من الجيوش بعضها إلى بعض وجعل منها جيشاً جديداً وضعه تحت قيادة ماكليلان، وطلب إليه أن يقابل لي بهذا العدد الهائل الذي بلغ مائتي ألف، فلم يفعل ماكليلان كما طلب الرئيس فأصاب أهل الشمال هزيمة أخرى في شهر سبتمبر
وأخيراً التحم جيش ماكليلان وجيش لي في معكرة عنيفة هي معكرة انتيتام، فلم ترجح كفة أحدهما، ولكن لي اضطر أن يوقف الزحف، بل اضطر أن يعبر نهر بوتوماك الذي كان على أبواب العاصمة، متراجعاً بذلك عنها، فكان على ماكليلان ألا يضيع هذه الفرصة فيتعقب الجيش المتراجع ويعركه في تراجعه ويوقع به هزيمة تفت في عضده، ولكنه قعد دون ذلك على رغم إلحاح الرئيس عليه أن يفعل، وراح يطلب المدد من جديد. . . وأصدر الرئيس إليه أمراً أن يسير في أثر الجيش المتراجع ولكن دون جدوى
ولقد بلغ من استهتار العدو بقوة الشماليين أن عبر أحد القواد الجنوبيين النهر بجنده وسار حتى اقترب من وشنجطون وألحق بأهل الشمال هزيمة منكرة، وأحاط بجيش ماكليلان، ولولا قلة عدد جنوده لأدى هجومه إلى كارثة ليس بعدها كارثة
على أن ماكليلان قد أساء إلى نفسه قبل كل شيء، فلقد فقد منزلته عند الناس، وبعد أن كان اللوم يوجه أول الأمر إلى الرئيس وحكومته أصبح يوجه إلى هذا القائد الذي أضاع كثيراً من الفرص بجموده. . . وراح الناس يتهمونه بأنه يفعل ذلك لغرض في نفسه، وهكذا أخذ يتضاءل شأنه حتى هان أمره على الناس وتأنى الرئيس أن يعزله ليبحث عن قائد غيره. . .
وربما أُخِذَ على الرئيس طول صبره على ماكليلان ومصانعته زمناً على الرغم من تطاوله في غير مبرر؛ وبذلك يكون الرئيس هو الملوم في ضياع الفرص أو يكون على الأقل شريكاً لماكليلان فيما هو خليق به من اللوم؛ ولكن الرئيس لم يكن غراً، فهو يعلم أن كثيراً من جنود ماكليلان مفتونون به، يخلعون عليه من صفات العبقرية ومن معاني البطولة ما لا يتهيأ لقائد غيره.
وكذلك كان لماكليلان أول الأمر في قلوب الناس من غير الجند مكانة عظيمة، وإذاً فلم يكن من الحكمة في شيء أن يقف الرئيس منه موقف البغض والنفور فيؤدي موقفه هذا إلى فتنة في وقت أن كانت البلاد أحوج ما تكون إلى الاتحاد ولم الشمل