الألماني المعروف. وقد جمع مؤلفه في القسم الثاني منه كل ما قاله كتاب العرب في موضوع التطور واليوم انتبهت فإذا بصديقي فليكس يرى التطور وبتصوره بالصورة التي جعله عليها إخوان الصفا وابن مسكويه منذ قرون. فيذهب للرد عليهم جانحاً إلى صور من التأمل والتخيل أبعد ما تكون عن أساليب العلم والعلماء
لاشك عندي أن صديقي فليكس يسير في المؤخرة من سير الزمن، يعيش بعقله في عصر سابق لقيام النهضة الحديثة
إن الشخص الذي يتحدث عن المواليد الثلاثة وعوالمها وعن عدم إمكان الجماد أن يفلت من حدود عالمه إلى عالم النبات، وعن عدم إمكان النبات أن يفلت من كونه إلى مملكة الحيوان. . . إنما هو شخص يعيش بأفكاره في العصور الوسطى، ونحن لا نرضى بمثل هذه الحياة لصديقنا، ولكن ليس بيدنا من أمر!. . .
يقرر الصديق فليكس أن كرّ القرون وتعاقب الأجيال لا يُمَكِّنُ النوع من الانعتاق من حلقة نوعه. . . فكأني بالصديق أولاً: من الذين يتصورون النشوء والتطور يجري لطول الآماد وكرّ القرون وتعاقب الأجيال. ثانياً: أنه من الذين لم يقفوا على المباحث الحديثة في التطور وخصوصاً تجارب (مورغن) و (مللر) و (جوهانسن) حتى أنه يكرر القول بعدم إمكان النوع أن ينعتق من حلقة نوعه
أما عن التصور الأول فقد نبه إلى فساده من قبل (شارلس روبرت دارون) في كتابه أصل الأنواع، إذ قال في الفصل الرابع (ص٢١٨ من الترجمة العربية، طبعة أولى وج٢ ص٤٠ من الطبعة الثانية - ترجمة صديقنا إسماعيل مظهر) ما نصه:
(إن كر الصباح ومر العشي، ومضي الأزمان المتتابعة لا يحدث في الانتخاب الطبيعي أثراً ما إيجاباً أو سلباً. ولقد اضطررت إلى التكلم في هذا المبحث لأن بعض الطبيعيين أيقن خطأ بأني أعتقد أن لمضي الأزمان وترادف العصور، الأثر الكلي والجولة الواسعة في تغيير صفات الأنواع، على قاعدة أن صور الأحياء عامتها كانت ممعنة في تغاير الصفات بتأثير سنة طبيعية مؤصلة في تضاعيف فطرتها بيد أن مضي العصور وتلاحق الدهور لا يتعدى أثرها تهيئة لظروف ظهور التغايرات المفيدة للكائنات الحية وانتخابها انتخاباً طبيعياً واستجماعها ثم تثبيتها من طبائع الصور العضوية، ولا جرم إن لذلك أثراً بيناً، غير أنه