بعيد عما يتوهمون، كذلك يعد مضي الوقت طبائع الكائنات الحية من حيث تأثيرها الآلي، إلى قبول تأثير الحالات الطبيعية قبولاً مباشراً)
لقد كان صديقي إسماعيل مظهر يرد على جمال الدين الأفغاني مزاعمه في هذا الموضوع بنفس هذا الكلام منذ خمس عشرة سنة. واليوم يدور دولاب الزمن، وأقف أنا من سيره أعيد كلام صديقي في تصحيح مزاعم الصديق فليكس.
أما عن الأمر الثاني فصديقي فليكس يظهر تماماً أنه لم يقف على حقيقة البحوث التطورية الحديثة، وهو قد ظن أن الخلاف الذي نشب في أوائل القرن العشرين بين مدرسة لامارك ومدرسة دارون ومدرسة ويزمان دي فريس حول مجرى التطور إن دل على شيء فإنما على أن نظرية التطور واهنة.
والواقع أن التطور اليوم خرج من حدود النظريات وأصبح حقيقة أولية في علم الأحياء، وإن كان هناك من خلاف فهو حول تفسير التطور والعوامل والمؤثرات التي تدفع إليه.
وليس من شأني هنا أن أنقل للصديق فليكس آخر الآراء الحديثة في تفسير التطور، فليس خلافنا معه على التفسير إنما على التطور نفسه، فإن الصديق فليكس ينكره كحقيقة علمية وهنا موضع الافتراق بيننا.
وإني وإن كنت من غير المشتغلين بمباحث الأحياء فإن وقوفي على مباحثه وقوفاً تاماً يسمح لي أن أقول مع شكسبير إنني مستعد لدفع ألف إسترليني لمن يثبت ولو من وجهة نظرية أن التطور ليس حقيقة علمية!. .
إني مستعد لدفعها وبعد ذلك إعلان إفلاسي وكسر قلمي. . كما قال في مسألة مماثلة من قبل جوجول.
وذهب صديقي فليكس إلى الخلط بين الإلحاد والعدمية بين وفهو يقول:(الملحد هو الذي يرى أمامه ووراءه العدم والزوال) وهو في ذلك يوافق الأديب الناقد الأستاذ عباس محمود العقاد رأيه في أن (الملحد من يجحد الحياة وهو من هنا يريد أن يقول إن نيتشه نظراً لأنه لم يجحد الحياة) فهو مؤمن!
غير أني أرى أن هذا الرأي في الإلحاد توسع في فهم معناه إلى أكثر مما يحتمله معنى الإلحاد، فإن الإلحاد عندنا (الملحدين) حالة سلبية بالغيبيات، وناحيتها الإيجابية اعتبار