فاجعة كجريمة (نيرون) في حرق (روما) بأهلها. وكجرائم (جوف فوشيه) وزير نابليون، الذي استعمل كل ذكائه في التنكيل والتخريب وخدع نفسه إذ كتب على قبره (الموت نوم أبدي)، وكجرائم الفوضويين والمعطلين والدهريين الذي يرتكبون كل شنيعة على حساب العدم
لا يدخل نفس المؤمن شيء إلا بعد استئذان إيمانه. وما عرفت سلطاناً لشيء على النفس مثل سلطان الإيمان كما غرسه وعمقه القرآن. وإن النفس لتلاقي به كل شيء، فان كان من عوامل البطش استمدت من جبار السموات مدداً عليه، وإن كان من عوامل الرحمة استمدت من الرحمن صوراً من رحمته
وإن المؤمنين ليصبرون على غزو الشبهات لعقولهم ولا يدعونها تصل إلى قلوبهم. وهم أكثر الناس انقذافاً بالشبهات لأنهم ليسوا أغبياء ولا عجزة مغفلين عما في الدنيا من الأحاجي والألغاز؛ فعقولهم دائماً في احتكاك مع حقائق الحياة وما فيها من الآراء والمذاهب والأديان وفي تعجب دائم قد يصل بهم إلى درجة الحيرة (ولم تزل الحيرة سمة العارفين)
ولم أر إلا واضعاً كف حيرة ... على ذَقّنٍ أو قارعاً سن نادم
نهاية إدراك العقول عقال ... وغاية سعي العالمين ضلال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا ... سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
قالوا وقلنا دعاوى ما تفيد لنا ... إلا الأذى واحتجاجاً في المداجاة
وإنهم ليعلمون أن الله راض لهم الفتنة ليصفيهم، ولا يأخذ منهم إلى قدسه وسبحات عرشه إلا من يثبت على اتجاهه إليه برغم حجب الغيب الكثيفة من جهة وبرغم أضاليل الحياة وتناقض بعض صورها في ظاهر بعض العقول القاصرة، وبرغم همزات الشياطين ونزغهم (وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون)
(إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)
وإنهم ليكتمون ما عساه يصيبهم منها في صدورهم علماً منهم أنها أمراض طارئة في عصر الشك الذي يصيب كل باحث كما أصاب الغزالي أبا الزهد والمعرفة حتى تكسرت عنه العقائد الموروثة) كما يقول في كتابه:(المنقذ من الضلال)، فيرون تحصين الناس منها حتى تبرأ قلوبهم ويهديهم الله إليه بعد جهادهم فيه، فيعرضوها بعد ذلك مع دوائها وبراهين