والحقيقة أن الصليبين - عدا من كان في جيوشهم من اللصوص والمجرمين - قد ظهروا للعالم كبرابرة مخيفين، وقد أظهروا في آسيا صنوفاً من الوحشية والفظائع لم تعهدها قط هذه البلاد التي كان قد مر عليها أربعة قرون آمنة في ظل نظام عربي لم تر له من قبل مثيلاً
وقد اقتحم الصليبيون القدس في ١٥ يولية ١٠٩٩ وقتلوا في اليوم نفسه عشرة آلاف من المسلمين التجئوا إلى جامع عمر ظناً منهم أنه يحميهم من وحشية أعدائهم، ولم يكفهم هذا قط، ولا نفع غليل نفوسهم العطشى للدماء بل راحوا في الأسبوع نفسه يقتلون من المسلمين واليهود والمسيحيين (غير الكاثوليك) ما يناهز (٦٠) ألف نسمة
وكان خلفاء الصليبين كأجداهم فظاعة وعسفاً حتى لقد وصفهم بعض كتاب المسيحية وصفاً مؤلماً، وقال أنهم ليسوا من المسيحية الغراء في شيء. .
وقال الأب ربموتد داجيل:(لقد اشتد القتل في هيكل سليمان، وكثرت فيه الجثث حتى أن الجند الذين قاموا بهذه المذبحة لم يعد بإمكانهم أن يطيقوا الرائحة التي كانت تتصاعد من جثث القتلى).
وقال روبرت ل موان:(لقد بدأت مذبحة الترك في ١٣ ديسمبر ولم يكف ذلك اليوم لقتل جميع الأسرى فأجهزنا على البقية في اليوم التالي).
وقال ميشو:(تعصب الصليبيون في القدس تعصباً لم يسبق له مثيل حتى شكا منه الكتاب المنصفون من مؤرخيهم، فكانوا يكرهون العرب على إلقاء أنفسهم من أعالي البروج والبيوت، ويجعلونهم طعاماً للنار، ويخرجونهم من الأقبية، وأعماق الأرض، ويجرونهم في الساحات ويقتلونهم فوق جثث الآدميين. ودام الذبح في المسلمين أسبوعاً حتى قتلوا منهم على ما اتفق على روايته مؤرخو الشرق والغرب سبعين ألف نسمة، ولن ينج اليهود كالعرب من الذبح فوضع الصليبيون النار في المذبح الذي لجئوا إليه، وأهلكوهم كلهم بالنار. . .)
وجاء في تاريخ الأمير حيدر: (. . . أخذ ريشارد قلب الأسد سبعمائة من أسرى المسلمين وقتلهم على رأس تل عكا، بمرأى من عساكر صلاح الدين، وبقر عسكره بطون المقتولين ليروا إن كان فيها شيء من الجواهر والذهب، ظناً منهم أنهم ابتلعوا شيئاً منها، وحباً