للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولكني كنت أضحك من غير أن أعني. . . ومن المحقق على أي حال أن كتابتي على تلك الحال لم تكن منجاة لي من الجمود أو الاستخذاء! لأن الكاتب كلما كان مرحاً، وكلما كان له أصدقاؤه وملاهي حياته، وكلما كان مستمتعاً بمحاسن أيامه إلى غير حد - كان غير ذي حاجة إلى إجهاد خياله لافتعال المفاجآت والحوادث. على أن تفكيري كان حاداً بالتأكيد، ولكنه لم يكن علمياً منظماً. وكان تكوين جسدي متيناً. غير أن سلسلة من الأمراض الموهنة قد تركتني سقيم الجسد هزيلاً، غير قادر على مباشرة الألعاب الرياضية، وكل حظي منها لم يكن - فيما سلف - أكثر من العبث بكرة صغيرة في شوارع (لندن) الخلفية! غير أني كنت كثيراً ما أتروض بالسير على القدمين، كما كنت أطلع في سعة، وأفكر في إتقان، وأغشى مدينة (لندن) وريفها بين رفقة يفوقونني خبرة بالحياة، كما كنت قليل الحفل بالمستقبل!

أستطيع أن أقرر أني لم أتوخ في كتابة (القلب السعيد) نهجاً خاصاً أدين به في الحياة الواقعة نفسها. كانت تروق لي نظرية (الاشتراكية) بيد أنني لم أكن أتحمس لها تحمساً فعلياً ولقد كنت في تلك الأيام، حين كان رزقي خمسة وثلاثين شلناً في الأسبوع، كما أنا اليوم. . . بعد أن أتسع رزقي كثيراً. . . شديد الإيمان بأن كل إنسان إنما هو الذي يصنع دنياه الخاصة! بغض النظر عن موارد رزقه. كما كنت ولم أزل شديد الإيمان بأن السعادة إنما هي ذخيرة شخصية، تصونها الطبيعة المرحة السامية أكثر مما تصونها الاعتبارات الاقتصادية! وهذه الطبيعة المرحة هي التي جلوتها في شخص بطل (القلب السعيد) فلقد شرق في الأرض وغرب في غير كبير اهتمام وفي غير ما صرع أو جهاد! ولكنه كان يتعقب الحب الذي يجده القارئ في آخر القصة، ومثله الأعلى لم يكن يعدو الزواج السعيد، وبيت الأسرة، والأطفال، في قناعة بالقليل ورضي بالواقع!

وحدث في عام ١٩٠٨ أن المستر (فيشر آنون) الناشر المعروف، أعلن مسابقة قصصية عامة، أرصد للفائز الأول فيها جائزة قدرها مائة كاملة من الجنيهات. وكان هذا القدر من المال خليقاً أن يسيل له لعاب مثلى. . . ولذلك أنجزت كتابة قصتي (القلب السعيد) وتقدمت بها بين المتسابقين. وأعقبت ذلك نتيجة محتومة مرتقبة، ولقد كان يرضيني أن أكون عاشر الفائزين إلا أنني لم أربح. . وكان صدمة لي، ولكنها لم تكن شديدة القسوة، وبعد ذلك أتيح

<<  <  ج:
ص:  >  >>