للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لي حظ نادر. . .

كنت - كما قدمت - أعمل في ذلك الحين ببعض مكاتب النشر: أقرأ (البروفات) وأحرر بعض الرسائل، وكان رئيسي في ذلك العمل رجل أسمه (فيليب لي وارنر) كان يعمل معي قبل ذلك في مكان آخر، وكان قد قرأ لي من قبل قصتي القصيرة (الطريق الحق). وقد اتفق أن سألني بعد فشلي في المسابقة ماذا أكتب، فلما رويت له خبر المسابقة ودخولي بالقصة الأخيرة وفشلي، طلب أن أطلعه على تلك القصة، فأجبت رغبته. وبعد أن قرأها دفع بها إلى ثلاثة من أصدقائه الذين يعتد برأيهم. وإني أقرر هذا حتى لا يتوهم بعض البعيدين عن محيط النشر أن فيه سبيلاً إلى التحايل. . . وبعد أن تلقى الرجل آراء أصدقائه هؤلاء طلب إلى إحداث بعض التحوير في القصة، وأعداً بنشرها بعد ذلك. ومن عجائب المصادفات أنه كاشفني بذلك في نفس اليوم الذي كنت أحي فيه عيد ميلادي الرابع والعشرين!

تحدث كل الأصدقاء بحسن حظي، وكانوا جميعاً يشكون في نجاح قصة أنا كاتبها. وقد جاء نجاحها منافحاً عن كفايتي! والحق أنه كان لي على الدوام أصدقاء يقفون في صفي لموجهة ما يكتنفني من أخطار الغرور في النفس! ولم أكن أغضب لهذا أبداً. بل على العكس من ذلك، كنت دائماً أعترف بما كانوا يغمرونني به من صفوة المودة.

ولم يكن الكتاب (القصة) عملاً جيداً تماماً. فلقد كان مكتوباً في سرعة فائقة وفي قلة اكتراث. وكان بذلك أبعد ما يكون من صفات العمل الأدبي الجدي، وأبعد ما يكون من الجدارة بالكتابة عنه، أو مديحه، ولكنه على أي حال كانت تميزه ظاهرتان ينبغي أن يعني بهما كل شاب يريد أن يكتب قصة؛ فقد كانت فيه جدة أصيلة ملحوظة، فضلاً عن اندماج المؤلف في الشخصيات التي خلق منها أبطال قصته!

وبعد ظهور الكتاب، بهرني ما استقبلته به الصحف التي تحفل بفن القصة، والحق أنها كانت رفيقة به كريمة عليه. فقد امتدحه كأنما يتفرد كاتبه بعبقرية من طراز خاص! وقارنته بأعمال (ديكنز) الخالد! وأسرفت في التنويه بما فيه من أصالة وطرافة. بل لقد بلغ من كرم محرر (المانشستر جارديان) أنه قال: (. . . لقد بدأ المستر فرانك سونيرتن - أنا - أعماله الأدبية بإحدى الروائع. فقد جعل أبطال قصته في ارتباط وثيق، كما أقاض عليهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>