الاهتداء إلى (الصحفي المطبوع) لا تزال قائمة في أمة كالأمة الإنجليزية؟ وأين تذهب صحافتنا إلى جانب الصحف الإنجليزية التي تطبع الملايين وتجمع من الموارد ما يضارع موارد بعض الدول الصغار ويقرأها أناس كلهم أو جلهم متعلمون مثقفون؟
قال ويكهام ستيد الصحفي الذي زاول الكتابة في أكبر صحف العالم:(لن تخرج صحيفة من الصحف بغير مجهود مكتب التحرير أي مجهود الصحفيين الخبيرين فمن هم الصحفيون الخبيرون؟ لقد بذلت شتى المساعي لتدريب الصحفي على صناعته، وقامت مدارس للصحافة، ثم لا يزال مشهوراً مقرراً بين الكثيرين أن الناجح في الصحافة لا يجوز امتحان نجاح ولا يحصل على درجة مدرسية ولا على رخصة من رخص الحرف والصناعات، ولعله هو يشتغل بجلب الأخبار وبيع الأخبار لا يبدو في مرتبة أرفع من مرتبة البائع الجوال الذي يجمع الدريهمات في الطرقات بالنداء والصياح، إلا أن (الوظيفة) التي يؤديها الصحفيون تخولهم مكانة اجتماعية فوق مكانة أناس ينحصر همهم كله في اصطياد العيون والأسماع. فمن أين لهم هذه المكانة؟. . . أحسب أن مرجعها الأخير إلى إدراك الجمهرة العامة بالبداهة الفطرية أن عمل الصحافة الحق إن هو إلا رسالة أو مهمة، وأنها شيء فوق الحرف وغير الصناعة، وسط بين الفن وبين دعوة التبشير، وأن الصحفي الحق موظف غير رسمي وظيفته أن يخدم مصالح الجماعة الإنسانية، فهو بهذه المثابة يولد ولا يصنع، وقد يفتقر إلى التدريب والاختبار ولكنه لا يوجد في الدنيا تدريب أو اختبار يجعله صحفياً صالحاً ما لم تكن في نفسه تلك الشرارة الحية التي تميز بين الصحفي الحق والآلة الصحفية. . . وليس أحمق بل ليس أفجع في بعض الحالات من تخيل بعض الناشئين أنهم متى أفلحوا في المدرسة أو الجامعة وأنسوا من نفسهم قدرة على صوغ الكلمات فهم خلقاء أن يفلحوا في الصحافة إذا ظفروا بعمل من أعمالها، ولعلهم يضيعون سنوات من أعمارهم قبل أن يعلموا أنهم أخطئوا الطريق ولم يدركوا (المهمة التي بغيرها لا يكون العمل في الصحيفة إلا مذلة خاوية من السلوى القلبية)
هذا ما يقوله خبير من أكبر خبراء الصحافة الإنجليزية عن مؤهلات الصحفي بين أناس فيهم من أبناء الجامعات والمدارس العامة والفنية عداد من عندنا من عارفي الحروف الأبجدية، فكيف يكون الحال بيننا يوم نأخذ في انتقاء الأعضاء الصالحين (لهيئة) الصحافة؟