قراراً بالتحرير العاجل في العاصمة وما حولها؛ ولما وقع لنكولن على هذا القرار قال:(عندما تقدمت باقتراح إلى المجلس عام ١٨٤٩ للقضاء على العبودية في هذه العاصمة ولم أكد أجد من يستمع إلى ذلك الاقتراح، لم أكن أحلم أنه سوف يتحقق بمثل هذه السرعة)
ولقد كان هذا القرار بمثابة مقدمة لما سيتلوه في القريب من تحرير شامل عاجل للعبيد في الولايات جميعاً، ذلك العمل الذي سوف يضاف إلى تراث الإنسانية ويعد من مآثر البشرية في هذا الوجود
وكان على ممثلي الولايات المحايدة، تلك الولايات الوسطى أن تعتبر بما جاء في هذا القرار، لكنهم ظلوا على عنادهم على الرغم من أن الرئيس قد دعاهم إلى مؤتمر آخر في يوليو سرد لهم فيه وجهة نظره وأطلعهم على حججه
أخذ الرئيس يتحين الفرصة ولكن الموقف الحربي في صيف ذلك العام كان على ما بينا من حرج وشدة، فالقائد ماكليلان في زحفه على رتشموند متلكئ متردد، ولقد تراجع في يوليو تراجعاً مهيناً مخجلاً وإنه ليرفع عقيرته بالسخط على رجال الحكومة في العاصمة كما أسلفنا، الأمر الذي تألم له الرئيس أشد الألم ووقع منه في غمة شديدة وحيرة
وأراد الرئيس أن يفرج عن نفسه فيعلن التحرير في تلك الآونة، ولكن سيوارد أشار عليه أن يتريث ويرجئ المسألة إلى حين، فانه إن فعل اليوم وأعلن التحرير عد ذلك منه ضرباً من اليأس وهو مهزوم مستضعف. . . ورأى الرئيس وجاهة رأي صاحبه فآثر التريث والصبر قائلاً: إن التحرير معناه يومئذ (آخر صرخة في الهروب)
وأخذت الأصوات ترتفع من كل جانب بمطالبة الرئيس بإعلان قرار التحرير، ومن ذلك ما جاء في جريدة نيويورك تربيون على لسان محررها جربلي وهو ذلك الصحافي العظيم الذي كانت تربطه بالرئيس صلة منذ بدأ يعظم شأنه في الحزب الجمهوري.
كتب جربلي في عبارة صارمة يأخذ على الرئيس تردده ويطلب إليه في لهجة أقرب إلى الأمر منها إلى الرجاء أن يعلن تحرير العبيد. ولقد عجب الناس حين رأوا الرئيس يرد بنفسه في الصحيفة على محررها ومما جاء في رده قوله (أذا كان هناك من لا يحافظون على الوحدة إلا أن يحافظوا على نظام العبيد فإني لست معهم، وإذا كان هناك من لا يحافظون على الوحدة إلا أن يقضوا على نظام العبيد فأني لست معهم! إن غرضي الأسمى