كاد يتم حتى دق الجرس. وكان الأستاذ حسنين مخلوف هو القادم، وسألت الأستاذ مخلوفا: أكان على موعد مع الرافعي؟ فنفى لي كل ظنة!
وسألني مرة أخرى:(ماذا تعرف عن صديقنا م؟) قلت: (لا جديد من أخباره!) قال: يهتف بي الساعة هاتف أنه في شر!) وفي صباح اليوم التالي كان نبأ شروعه في الانتحار منشوراً في الصحف!. . . وفي الرسائل التي تبادلاها بعد هذه الحادثة ما يبعد الظن بأن الرافعي كان يعلم شيئاً!
وكان بينه وبين رجل قضية، فغاظه، وجاءني الرافعي يوماً محنقاً وهو يقول:(سينتقم الله منه! سينتقم الله منه! قلبي يحدثني بأن القصاص قريب!) وفي الغد جاءنا نعى الرجل، وكنت مع الرافعي وقتئذ، فتندت عيناه بالدمع، وتناول سبحته وأخذ يتمتم في صوت خافت وشفته تختلج من شدة الانفعال!
هذه حوادث ثلاث رايتها بعيني، ولعلها من عجائب الأخبار عند بعض القراء، واحسبني قد رأيت له غير ذلك، ولكني لا أتذكره الآن. . .
وحدثني أن أباه كان مسافراً مرة إلى بلد ما، وكان عليه صلاة، فافترش مصلى وأخذ يصلي على رصيف المحطة، وإنه لكذلك إذ جاء القطار، قال: وكان أبي حريصاً على ميعاد هذه السفرة، يخشى شيئاً لو تأخر عن موعدها، وما كان بين موعد قدوم القطار وسفره ما يتسع لصلاة الشيخ؛ ولكن الشيخ استمر في صلاته على وّنَى واطمئنان؛ وما تحرك القطار إلا بعد أن فرغ الشيخ من صلاته، واطمأن في كرسيه، وحيَّا مودِّعيه ووصّي؛ وكان سبب تأخير القطار شيئاً غير مألوف يتصل بشأن من شئون المحطة!
وأحسبه ذكر مرة في بعض ما كتب كيف ثقل نعش أمه على كتفه ثم خف!
واخبرني أنه لما مات أخوه المرحوم محمد كامل الرافعي استحضر روحه فلبت نداءه، وكان بينهما حديث لا أذكره؛ وحاول مرة أن يعلمني وسيلة لتحضير الأرواح ولكني لم أتعلم!
وكان يحفظ كثيراً من الأدعية والدعوات لأسبابها!
ولما وقع في حب (فلانة) ونال منه الوجد بها، لجأ إلى العرافين في أمل يأمله، فكتب تميمة فعلقها في خيط فربطها في سارية بأعلى الدار تتلاعب بها الريح. . . قال: ولكن أمورا