عجيبة مفزعة وقعت لي ولأهلي ولسكان الدار جميعاً في خلال اليومين اللذين كانت التميمة معلقة فيهما؛ فأيقنت أن ذلك من ذلك؛ فان لكل تميمة غايتين: أحدهما ما تأمل وثانيتهما مما تخاف، وكان ما وقع لي وما يتهددني من شر أكبر عندي من الأمل الذي أرجو؛ فندمت على ما كان، وتسللت إلى السطح فحللت رباط التميمة وفضضت خاتمها. . قال: فما فعلت ذلك عادت الأمور تسير على عادتها في رفق وأناة، وزال ما كنت أحذر وهدأتْ نفسي من ناحيته؛ فما كان شأني في الحالتين إلا كراكب سفينة هبتْ عليها عاصفة ثم قرت!. . . قال: وما كان الذي وقع لي في هذين اليومين مما يقع في العادة، ولا كانت نهايته، وقد فضضت خاتم التميمة، بالنهاية التي تنتظر. . .!
وكان يؤمن إيماناً لا شك فيه بأن يوماً ما سيأتي فيرتد إليه سمعه بلا علاج ولا معاناة، لأن بشيراً من الغيب هتف بهذه البشرى في نفسه وهي لابد واقعة! وقد مات وعلى مكتبه رسالة من صديقه الأستاذ فليكس فارس يشير عليه بتجربة لترد عليه سمعه الذي فقده منذ ثلاثين سنة أو يزيد، ورسالة أخرى من صديقه الأستاذ حافظ عامر فيها شيء يشبه ذلك!
وأحسبه قال لي مرة أو مرات وكنت جالساً أتحدث إليه:(ارفع صوتك بالحديث لعل الساعة الموعودة قد حانت فأسمع ما تقول!)
ولو أنني ذهبت أستقصي ما أعرف من مثل هذه الأخبار ما وسعني الوقت، وفي بعض ما قدمت الكفاية لمن يلتمس أسباب العلم
وكان الرافعي ولوعاً بالرياضة البدنية من لدن نشأته، يعالج أسبابها في أوقاتٍ رتيبة، وكان المشي الطويل أحبًّ رياضة إليه
خرجت مرة في جماعة من صحبي يوم شم النسيم للرياضة بُعيد الفجر، وكان معنا ماؤنا وطعامنا وقد عزمنا أن نقضي اليوم كله في الخلاء، فلما صرنا على بعد ميل من المدينة والشمس لم تشرق، لمحت الرافعي على بعد يخب في مشيته على حافة قناة بين زرعين؛ فلما دنوت منه رأيته يميل فيبلّل كفيه بأنداء الفجر على أوراق البرسيم فيمسح بها وجهه وهو مغتبط مبسوط؛ وأقبلت عليه أسأله، قال: هذه رياضة تحلو لي كثيراً، فما أتركها إلا لعارض، بل إني ليطيب لي أحياناً أن أخرج من البيت قبل الفطور لأجول هذه الجولة، ثم أعود لأفطر وأخرج إلى الديوان. . قلت: وهذا الندى الذي تغسل به وجهك؟ قال: إنه