وهل في الأدب المكشوف، إلا كشف سوأة من سوءات الفكر، وعورة من عورات الضمائر، يحرص العقلاء على سترها كما يسترون عورات الجسم؟
أستغفر الله ماذا أقول إن الناس قد كشفوا عورات الجسم على السواحل وفي المصايف، وأبدوا كل سوأة، وافتخروا بها، وسموها جمالاً وكمالا، وصوروها وملئوا بها جرائدهم ومجلاتهم، أفيلام الشباب إن جن جنونه، واشتعلت في أعصابه النيران؟
اخطبوا أيها المدرسون ما وسعكم الجهد، واهرئوا ما انفسح لكم سبيل الهراء، وقولوا للشاب كن صيناً وعفيفاً. إنها لن تجدي عليه خطبكم، ولا يستقر في نفسه هراؤكم؛ إنه يخرج فيسمع إبليس يخطب بلغة الطبيعة الثائرة في السوق على لسان (حال) المرأة المتبرجة، وفي الساحل على لسان الأجساد العارية المغرية، وفي السينما على لسان المناظر المتهتكة المثيرة، وفي المكتبة على لسان الجرائد المصورة والروايات الخليعة الماجنة، وفي المدرسة على لسان أصحابه الفساق المستهترين. . . ولسان المدرسين حين يدرسون شعر أبي نواس المقرر رسمياً في المنهج!
إن الشاب تتعبده الشهوة فيخضع لها، لأن سهامها تنصب عليه من كل جانب، فلا يطيق أن يتقيها، فيصورها له خياله عالماً مسحوراً عجيباً، وجنة فينانة غريبة، فيتمنى دخولها، فلا يجد من دونها حجاباً، بل يجد من يسوقه إليها، ويحفزه عليها، فلا يخرج منها أبداً، ولا عليه إن ماتت الأمة أو عاشت، فهل فكر أحد من أطباء الأخلاق في هذا الداء؟
بناء الأخلاق ينهار، وسوق الزواج يبور، ونسل الأمة ينقطع، والمخازي والرذائل تعم وتنتشر، والقادة والمصلحون وأرباب الأمر يرون ذلك كله، فلا يبالونه ولا يفكرون فيه، ولا يفتشون له عن علاج. . . مع أن العلاج هين ميسور والعقاقير دانية قريبة، لا ينقصها إلا يد تمتد إليها فتأخذها لتجرعها المريض وأين تلك اليد؟
إن الله الذي وضع الشهوة في النفوس جعل دواءها الزواج، فإذا تعذر الزواج فهنالك طرق للوقاية من الفاحشة، وهنالك السدود دونها والحجب: هنالك الدين، فإذا علمتم الشاب دينه، وعرفتموه بربه، ونشأتموه على التوحيد الخالص، والإيمان الصحيح حتى يعلم أن الله مطلع عليه، لاستحيا من الله أن يأتي الفاحشة بسمعه وبصره، كما يستحي أن يأتيها على مشهد من أبيه الذي يجله، أو أستاذه الذي يحترمه، ويعلم أن من حق الله عليه، وقد أعطاه هذه