أن أمتدحهم إذا ما فرغوا من إعراب الجملة، فكان أول ما وجه المعلم أنظارهم إليه نطقي الجيم في جلس غير معطشة فقال: هل لحظتم يا تلاميذي كيف تنطق السيدة المصرية الجيم في جلس؟ إنها خففتها وفق ما اتبعوه في بلادهم
طلبت إلى الأستاذ أن يسمعني التلاميذ بعض قطع شعرية مما يحفظون وبعض أناشيد، وقد فعلوا، أما الأناشيد فتلحينها ضعيف
ولما جاء دور المحفوظات استأذنت المدرس في أن أختار أنا التلميذ، وكان من بين التلاميذ شبيه لعنترة صغير، فبتوارد الخواطر، اخترت هذا الأسود ليسمعنا قطعة من محفوظاته. ولكن التلاميذ ضحكوا وتغامزوا فيما بينهم على هذا الأسود، وعلى غرابة اختياري، واتهموا ذوقي. فقلت: أيها التلاميذ النجباء لماذا تضحكون؟ ألا يذكر أحد منكم الفارس العربي المقدام الشاعر الهمام، عنترة العبسي الذي كان يقول:
(لئن أك أسوداً فالمسك لوني)؟
ويقول:
لئن يعيبوا سوادي فهو لي نسب ... يوم النزال إذا ما فاتني النسب؟
ما أسرع البدوي إلى النخوة والشهامة! لقد اعترف الأولاد بخطئهم حالا، وقالوا في نفس واحد: قم يا عنتر ونحن نتبعك. وقام هذا الأسود الصغير، وألقى قطعة حماسية بالغة. ووالله لا أنسى أبداً منظر التلاميذ من خلفه ومن حوله، وهم يشتركون معه في الإلقاء الحماسي، وكأنما تتحرك القناة في أيديهم، والأصائل تكر بهم وتفر لهزم العدو، ولكسب شرف العرب. بارك الله في أبناء البدو الناهضين وقواك الله يا قبائل شمر
بعد هذه المعركة الحماسية قلت لتلميذ في طرف الخيمة، وقد شهدت على وجهه انفعالا: ماذا تريد أن تنال لو خيرت في نيل أمنية؟ قال في غير توان: فرس أصيلة، لأريك أني أبز عنترة العبسي وأباه
فتوجهت إلى الشيخ وسألته: كم ثمن الفرس الأصيلة؟ وعزمت أكيدا أن أترك للتلميذ ثمن الفرس لينال رغبته، ولكن الشيخ لم يقبل، ووعد أن يعطيه فرسا من عنده
(د) حضرت درساً إنجليزياً (مطالعة، ومحفوظات، وتركيب جمل) والتقدم الذي لحظته على التلاميذ كبير، ولفت نظري توقد ذكاء تلميذ من بينهم، وشدة لمعان عينيه، فسألت: من