للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دعائم حضارتنا، ونحن لا نستطيع بحال من الأحوال أن نحصي أياديها لأنها لا تعد، ولا تقف عند حد. على أن الاستفادة بها والتغني بذكرها هما جل ما يبغيه أولئك الأعلام الذين جدوا وسعوا دون أن يتطلبوا جزاء ولا شكورا في سبيل الإنارة والنهوض بالإنسانية.

ولقد انتقل العالم من عصر الحديد إلى عصر الفولاذ فعصر الكهرباء واللاسلكي، وجميع هذه الاكتشافات الأساسية التي غيرت وجه الوجوه من عصر إلى عصر قد أغدقها علينا رجال أفاضوا شعاب برهم وسحب معلوماتهم وذكائهم كعطايا سمحة لأهل جيلهم. فنحن نشيد عمراننا على أسس وضعها أولئكم المجاهدون الصناديد الذي اتخذوا من ميادين النزال ومعامع الكفاح مدارس للبحث والتفكير والاستقراء ومعتملات للاختبارات والتجارب العلمية. ولقد قدم نيوتن ونابير لعصرهما آلتين من افضل ما جاءت به مستحدثات العلوم الرياضية فزودوا العلم بقوة عقلية تفوق كل وصف. وقد اثبت الطبيب دالتون تلك الصورة النهائية القطعية لنظريته العجيبة - نظرية تركيب الجوهر الذريري. كما وضع العالم الإنجليزي جول الأساس الراسخ لجميع الأعمال الباهرة التي تجري الآن في دائرة (استحالة الاقتدار) وقد ورث العلامة العظيم جيمس كلارك مكسوبل ثروة طائلة من أمالي الفلسفة الطبيعية فاستغلها في التمهيد لاكتشاف التموجات الأثيرية بعد أن تمكن من إدراك أبعادها وتقدير مساحاتها ومقاييسها. وتناول هتريك هرتز الألماني أعمال ذلك العلامة الإنجليزي فتمكن من إشعاع أمواج اليكترماجنتيكيه (المغناطيسية الكهربية) بواسطة جهاز كهربائي للذبذبة وجعل العامل الأساسي لإنتاج هذه الأمواج الشرر الصغير الذي كان يظهر من ثغرة صغيرة في أداة معدنية فيعبر الغرفة دون أن تكون هناك أية حلقة للاتصال غير الهواء. ولقد انسحق قلب دافيد ادوارد هو، من جراء الفشل الذي صادفه في تجاربه اللاسلكية، ولكن جيلاً من الناس الباحثين المستطلعين أفلحوا في تحقيق أحلامهم التجريبية حتى ظهر أخيراً المخترع الإيطالي العظيم جوليلمو ماركوني وتناول أبحاث أسلافه ولم يزل بها حتى تمكن من زيادة الإشعاع وتحسينه وتنميته وضبطه، وتوصل إلى إتمام اختراعه فلم يكد يشارف السابعة والعشرين من سني حياته حتى برهن على مخترعه عملياً وأذاع إشارته اللاسلكية الأولى عبر المحيط الأطلنطيقي، وبذلك أكمل اللاسلكي أهم رحلة في حياته مثبتاً للملأ أنه كان سائراً به في الطريق الموصل إلى ذروة النجاح النهائي بعد

<<  <  ج:
ص:  >  >>