والمخرج واقف فوق سلم أمام النسوة، ومن ورائهن رجال آخرون يلقون عليهن الأوامر من الأبواق المكبرة للصوت. وأخيرا أمرهن أن يسرن إلى الأمام.
وقيل لدريجالسكي أن تبتعد عن زميلاتها، وأن تتقدم وحدها لتصعد السلم، وأن تفعل ذلك حين تسمع كلمة:(الآن! سيري.) وما عليها إلا أن تسير في مشيتها الطبيعية المعتادة، وحين سمعت الإشارة تباعدت عن زميلاتها وسارت ثم رفعت يدها لتحجب عن عينيها النور الذي اثر فيهما، فلم تعد تبصر شيئا. . . والمصور واقف فوق منصته يدير آلة التصوير وقد أخذ الإعجاب كل مأخذ منه، فكان يصيح: ما اعجب هذا!. . ما أبدع هذا!. .
وقال ثوربج لدريجالسكي قبل أن تمضي تعالي غدا لأخذ منظر آخر، وصورت في اليوم التالي وهي تحمل طفلا، وصورت في اليوم الثالث ثم قدموا لها ثلاثين ماركا!
وسألتهم: متى أعود ثانية؟ فأجاب الرجل الذي نقدها أجرها وهو يمزح - سنكتب إليك حين نحتاجك، فليس العمل منظما هنا كعمل الغسالات!
- وعادت دريجالسكي متهالكة من التعب، لم تدرك شيئاً من كل ما حدث، عادت إلى بيتها في انتظار أن تدعى مرة أخرى
واستدعيت المادريجالسكي مرات كثيرة في الأشهر التالية.
وكان منظر المرأة في بساطته وصدقه قد أعجب كل من رآه، ولهج النقاد بذكره كثيراً، وبلغ إعجاب الجمهور به مداه، وطلب إلى دريجالسكي أن تقوم بدور آخر في رواية جديدة، ومنحت عشرين ماركا أجر هذا الدور. وسألت شركة سينمائية أخرى عن عنوانها وأرسلت إليها تستدعيها، وهكذا تسابق إليها المخرجون، فكان مظهرها يكسب الموقف لوناً طبيعيا رائعاً: لون الألم والبؤس الصحيح الذي لا أثر للصناعة فيه.
وخرجت دريجالسكي من عزلتها التي كانت فيها، فتعرفت إلى غيرها من النساء اللاتي تستخدمهن شركات السينما، وعرفت منهن أن تتردد على مكاتب الأستوديو إذا طال عليها الأمد ولم يستدعها أحد؛ ولكنها برغم ذلك كله لم تدرك من الأمر شيئاً، وكان كل ما عرفته أن أجرها يزيد خمس ماركات إذا صورت وحدها عما لو صورت بين جمع من النساء. وقد تعلمت الطمع والجشع فكانت تبذل جهدها لتحذق عملها الذي تؤمر به حتى يزيد أجرها
صرفت دريجالسكي أول نقود نالتها في أجرة طبيب. ثم صرفت ما كسبته بعد ذلك في