لها:(اتبعينا)، بل يقولون وسيقولون لها: سيري إلى الأمام، ونحن نتبعك على الدوام.
سألتم خلال الحديث:(أتريدون أن تتحقق الوحدة العربية؟ فعلى أي أساس علمي تنادون بها؟) ثم قلتم: (تعالوا معي نستعرض الروابط التي تصل مصر بالأقطار العربية الأخرى) فاسمحوا لي أن أشترك معكم في الإستعراض، لاناقشكم في أهم المواقف التي وقفتموها خلاله:
لقد وقفتم أولاً أمام قضية (الأصل والدم) وقلتم: (إن الأكثرية الساحقة من المصريين لا تمت بصلة إلى الدم العربي، بل تتصل مباشرة بالمصريين القدماء)
وأنا لا أود أن أتطرق - في هذا المقام - إلى مسألة أصل المصريين القدماء، ولا أن أبحث عن علاقتهم أو عدم علاقتهم بالساميين عامة وبالعرب خاصة. . . سأسلم - جدلاً - بما تقولونه في هذا الباب، مع هذا سأسألكم بدوري: هل علمتم بوجود أمة على الأرض انحدرت من أصل واحد تماماً؟ وهل تستطيعون أن تذكروا لي أمة واحدة ترتبط بروابط الدم فعلاً وحقيقة؟
إن جميع الأبحاث العلمية تدل على عكس ذلك تماماً. إنها تدل على أنه لا توجد على وجه البسيطة أمة خالصة الدم. . . حتى الأمة الفرنسية التي سبقت جميع الأمم الأوربية في طريق الوحدة والاستقرار، لا تدعي وحدة الأصل والدم. وعلماؤها يعترفون بأن الأجناس التي دخلت في تركيبها تعد بالعشرات، كما يعترفون مثلاً بأن أهالي جنوب فرنسا يختلفون عن سكان شمالها - من حيث الأصل والدم - اختلافا كبيراً. أيمكنكم أن تدعوا - والحالة هذه - أن عدم وحدة الأصل والدم، يجب أن يحول دون انضمام مصر إلى حركة الوحدة العربية؟
ثم وقفتم أمام مسألة التاريخ، وادعيتم أن (تاريخ مصر مستقل تمام الاستقلال عن تاريخ أي بلد آخر)
فاسمحوا لي أن أقول بأن هذا الادعاء افتئات صارخ على الحقائق الواقعة. . . فإن تاريخ مصر اختلط اختلاطاً عميقاً بتاريخ سائر البلاد العربية وتشابكت أوشاجه معها، خلال القرون الثلاث عشرة الأخيرة على الأقل. . . فكيف يحق لكم أن تحذفوا هذه القرون من تاريخ مصر؟. . . أنا لا أنكر أن تاريخ مصر لم يبق متصلاً بتاريخ سائر الأقطار العربية