كل ما في يد العربية من منشآت الرافعي هو صدى كلمات وعنوانات كتب، أما حقيقتها ومعناها فقد انفرط الجيل الذي درسها أو كاد فلم يبق للجيل الناشئ منها غير عنوان:
ديوان الرفعي، ديوان النظرات، تاريخ آداب العرب، إعجاز القرآن، حديث القمر، المساكين، رسائل الأحزان، السحاب الأحمر، أوراق الورد، تحت راية القرآن، على السفود، وحي القلم
هذا كل ما طبع من مؤلفات الرافعي؛ فليسأل كل أديب نفسه: ماذا قرأ من هذه الكتب وماذا حصَّل وماذا أفاد؟
إنها لمكتبة حافلةٌ جديرة بأن تنشئ مدرسة جامعة لمن يريد أن يتزوَّد من العربية أَمرأ زاد وأشهى غذاء، ليكون أديباً له لسان وله بيان وله منزلته الأدبية في غد
إني لأكاد أوقن أن تسعين من كل مائة من القراء لا يعرفون من هذه الكتب إلا أسماءها، وإن منهم لَمن يتوهم أن من حقه أن يتحدث عن الأدب ويؤرخ لأدباء الجيل.
وما عيبٌ على مَن لم يقرأها أنه لم يقرأها؛ ولكن العيبَ كلَّ العيب علينا عامة نحن المشتغلين بالأدب أن يكون كل وفائنا لمن يموت من أدباء العربية أن نقول كان وكان ويرحمه الله ولا نعمل على تخليد أدبه بما ننشر من آثاره
لقد أدى الرجل واجبه ما استطاع وبقى علينا فرضٌ واجب الوفاء
على أن ما سبق طبعه من كتب الرافعي هينٌ خطبه؛ فسيأتي جيل يكون أكثر تقديراً لأدب الرافعي من هذا الجيل وسيُعيد سيرته وينشر أدبه
ولكن كتباً هناك ما تزال قصاصات من ورق على مكتب الفقيد تنتظر من يخرجها للناس قبل أن يسبق إليها العث والفيران.
فهل في أدبائنا وفي حكومتنا من العزم وحسن التقدير ما يحملهما على معرفة واجب العربية وواجب هذا الراحل؟
كم نبكي وكم نعول على ما ضاع من تراثنا الأدبي وما فقدته المكتبة العربية من منتوج أدبائها الفحول في عصر الجهل والانحطاط، وهذا تراث بين أيدينا يوشك أن يتبدد ويذروه الهواء!
لقد أورثني الرافعي بعض تبعاته، وإني لأحس بثقلها على عاتقي أكثر مما أحس بحاجتي