فحملنا أثقالنا واتجهنا نحو ليون ماشيَيْن
وبعد يوم واحد تعبتُ، فحملتها على الرجوع بالقطار إلى باريس
ليتني أطعت مرجريت وذهبت ماشياً إلى ليون لأعرف كيف يعيش الناس في الأقاليم الفرنسية، ولأجدد الأنس بصحبة مرجريت يوم همنا على وجوهنا في الحقول النورمندية!
كانت مرجريت ضجرت من حياة الفتون
وكنتُ ضجرتُ من حياة الفتون
وكنا نتشهي أن نعرف معنى التصوف في الحب، وكيف لا نتصوف في الحب وقلوبنا معمورة بحب الطفل العزيز موريس؟
وبعد أن دام هذا النعيم النبيل خمسة عشر شهراً وصلتُ إلى ما أريد في امتحانات مدرسة اللغات الشرقية وامتحانات السوربون، وصممت على الرجوع إلى أهلي وأبنائي، ولم يكن بدٌّ من توديع مرجريت وموريس
وأي توديع؟!
كان من الواجب أن أردَّ المفتاح إلى مرجريت، فرفضتْ والدمع في عينيها الزرقاوين، وقالت: احفظ هذا المفتاح فقد تصل على حين غفلة إلى باريس
وكانت مرجريت لا تزال معرَّضة للفقر والبؤس فوعدتها بإرسال سبعمائة فرنك في كل شهر لتستطيع الإنفاق على نفسها وعلى ابنها الغالي، وأنا أفِي إذا وعدتُ
كانت الدنيا في ذلك العهد لا تخيفني، وهل يخاف من يرجع مزوَّداً بأعظم الألقاب من باريس؟
ولكني لم أكد أصل إلى مصر حتى عُطلت جريدة البلاغ
فأرسلت إلى مرجريت أستعفيها مما وعدتُ، فكتبت تصفح عني وتسأل الله أن يفتح لي أبواب الرزق
وما هي إلا مدة قصيرة حتى استجاب الله لدعوة مرجريت فكنت آخذ من الجامعة الأمريكية ثمانية وعشرين جنيهاً، ومن اللِيسيه اثنين وعشرين جنيهاً، ومن البلاغ خمسة عشر جنيهاً بغض المطر عما كنت آخذه من المكتبة التجارية ومن مجلة الهلال
ورأيت أن أزيد مرتب مرجريت فكنت أرسل إليها في كل شهر ألف فرنك