مجرد الرد مع اشتمالها على أسماء الفنانين ووصف ما تم عمله على أيديهم دون نقد فني أو دراسة ذات غاية، كما خلت من بيان شاف لتطور الفن في أية مدرسة أو مرحلة زمنية معينة.
ولوحظ أن هذا المسلك في التأليف كان الغالب أيضاً في العصر المتوسط، فكل ما كتب في شأن الفن وتأريخه لم يخرج عن وصف عام للمباني الرائعة وما استنفده في تشييدها من مجهود.
أما التأريخ الفني بمعناه الحديث فلم يكن ميسوراً لأولئك ولا لهؤلاء بحال. ومنذ ذلك الحين بدأت الجهود الفردية تظهر في الأفق رويداً رويداً، ولا سيما بعد ما التفت المسافرون الراغبون في المشاهدة والمعرفة، وكذلك غيرهم ممن اشتغل بدرس اللغات القديمة، إلى وجوب معرفة آثار الأقدمين والغاية من إقامتها وما تدل عليه وعلاقتها بالحضارة، واتخاذها وسائل قيمة للتدليل على اتجاه معين في الدرس والفحص.
هنا بدأ تأريخ الفن في الظهور والتطور العلمي. وكان أول أثر لذلك هو إيضاح ما كتبه الأقدمون وما تدل عليه كتابتهم عن الآثار التي لم يكن الكثير منها موجوداً حيث كان القدم والإهمال وعدم الرعاية والتغيرات الجوية والمدنية قد طغى كل هذا على معظمها فكانت أثراً بعد عين.
فاشتغل فريق من علماء تاريخ الفن بتفسير ما كتبه فيتروفيوس على حين اشتغل فريق آخر بنبش القديم وتفسير الكتابات والنقوش التي وجدت على كثير من الآثار.
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى فقد قام فريق آخر بمعاينة آثار روما وبعمل رسومات هندسية ومساحية دقيقة عنها.
ومهما يكن نوع هذه المجهودات والكيفية التي سار عليها أصحابها، فإنه لا يمكننا أن نرجع المحاولات الصائبة في مضمار تأريخ الفن إلى أبعد من القرن السادس عشر. ولعل أول من نعتبره في مرتبة مؤرخي الفن هو فاساري بكتابه القيم الشامل لتراجم هامة لرجال الفن في إيطاليا ,
وجاء بعده كارل فان ماندر بكتابه المدهش (المشاهدات) المطبوع في هارلم سنة ١٦٠٤ وفي أمستردام سنة ١٦١٨، وكان أقل أثر يذكر له الدعاية للفن ولتاريخه ولتعريف