قد أنسى كل شيء، ولكني لا أنسى أني اعتذرت عن دروسي بالجامعة المصرية لأشهد دفاع المسيو ميللران
وماذا قال المسيو ميللران في ذلك اليوم؟
قال إن موكلته امرأة شريفة
وما كاد ينطق بهذه الكلمة حتى صُعِقتُ، فقد فهمتُ أن المرأة من حقها أن تحب، وقد أحبتني مرجريت فمن حقها أن تطالبني بالنفقة الشرعية حين تشاء
وماذا أملك حتى تطالبني مرجريت؟
أملك سمعتي، وهي كل شيء، وبفضل تلك السمعة أتسامى لمنصب الأستاذية في الجامعة المصرية
وقد آن أن أعترف بالخطر الذي كان يهددني في جميع أطوار حياتي، فأنا رجل من كبار العلماء، وستمرّ أجيال وأجيال قبل أن يوجد لي في البحث والاطلاع شبيه أو مثيل ولكني وا أسفاه مولعٌ بدرس سرائر النفس الإنسانية. وأغراني بذلك أني كنت أول دكتور في الفلسفة من الجامعة المصرية، وهذا المعنى هو الذي حملني على الصراحة فيما أسجّل وأقيّد من الأفكار والمعاني، وأغلب الظن أني سأكون أشرف ضحية للدراسات الفلسفية، ولا يغريني إلا شيء واحد هو الشعور بأني أنقذ الأدب العربي من كابوس الرياء والنفاق، ولكن الأدب العربي يحيا لأموت
والحاصل - مرة ثانية - أني عرفتُ وتيقنتُ أني لا أملك قطع مرتب مرجريت
وما هو مبلغ السبعمائة فرنك حتى أهرب من وجه مرجريت؟
إن أصغر مبلغ أتقاضاه على المقالة الواحدة لا يقل عن جنيهين، فما الذي يمنع من أن أنفق على مرجريت مما أتقاضاه من مقالاتي في مثل مجلة الرسالة أو مجلة الهلال؟
وما الذي يمنع من أن أنقذ سمعتي بمبلغ ضئيل هو مئات من الفرنكات؟
ولي مع ذلك تعزية صغيرة هي شعور موريس بأن له أباً هو المسيو مبارك الذي استأنف