المسجد النبوي في شكله الحاضر بناه السلطان عبد المجيد العثماني، استغرقت عمارته ١٢ سنة بين سنة ١٢٦٥ وسنة ١٢٧٧ ولم تُبق من الأبنية القديمة إلا قليلاً؛ وهو جميل المنظر حسن الهندسة في سقفه قباب صغيرة منيرة مزينة تحملها عمد متقاربة صبغت لوناً أحمر وزينت بالتذهيب.
كان المسجد حين بناه الرسول سبعين ذراعاً في ستين وجدرانه من اللبن وسقفه من الجريد وعمده جذوع النخل، ثم وسّعه الرسول فجعله مائة ذراع في مثلها ثم توالى التوسيع والتعمير في أيام الخلفاء الراشدين فمن بعدهم حتى انتهى إلى شكله الحاضر. ولكن حدود المسجد القديمة معّلمة بالعمد كما حددت الروضة النبوية بين القبر والمنبر.
ولا ينظر الإنسان نظرة في هذا المسجد المبارك إلا وقعت على ذكرى كريمة من رسول الله وأصحابه. فهناك سارية عائشة، وسارية أبي لبابة الصحابي التي ربط نفسه بها، وآلى ألا يبرح حتى يتوب الله عليه، وخوخة أبي بكر.
وحول المسجد مواقع الدور التاريخية: دار أبي بكر، ودار عثمان وغيرهما.
وفي المدينة مشاهد كثيرة عظيمة لا يتسع المقام لتعدادها. وحسبي أن أذكر ما شهدت في يوم واحد يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ذي الحجة: خرجنا إلى جبل أحد وهو شمالي المدينة قريب منها فمررنا بجبل سلع وسرنا حتى شهدنا مكان موقعة أحد ورأينا قبر حمزة أسد الله رابضاً في العراء وعلى مقربة منه جدار يحيط بمدفن شهداء أحد رضي الله عنهم.
وفي اليوم نفسه توجهنا شطر الجنوب إلى مسجد قُباء وهو أول مسجد أسس في الإسلام بناه الرسول صلى الله عليه وسلم حينما هاجر من مكة فنزل في قباء على مقربة من المدينة في بني عمرو ابن عوف. وهو المسجد الذي ذكر في القرآن:(لمسجد أسّس على التقوى من أول يوم أحقُّ أن تقوم فيه. فيه رجال يحبّون أن يتطهروا. والله يحب المتطهرين) والمسجد كما يرى اليوم حسن المنظر عالي الجدران تتجلى فيه البساطة والنظافة وقد توالى عليه التعمير حتى انتهى إلى بنائه الحاضر. وفي صحن المسجد مكان يقال إنه مبرك ناقة الرسول صلوات الله عليه، وقد قرأت عليه بيتين باللغة التركية
وعلى مقربة من المسجد بئر أريس. وهي بئر عميقة ماؤها عذب غزير صاف وهي التي سقط فيها خاتم النبي من يد عثمان بن عفان أيام خلافته. ويستخرج الماء منها ومن آبار