المدارس، فالحيز الذي اعتدنا أن نتصور فيه طوبة أمحوتب، هذه الطوبة التي نستعملها اليوم لبناء منازلنا، هذه الطوبة ذات الطول والعرض والارتفاع، هو حيز معوج؛ والمثلث الذي اعتدنا أن نعتبر مجموع زواياه تساوي قائمتين، هو في الواقع ليس كذلك؛ والخط الذي اعتدناه مستقيماً يلتف في النهاية حول نفسه، بل إن الزمن ذاته يحمل في طياته أغرب القضايا بعدم التعيين أو المعرفة، ويتبين لنا ذلك إذا حاولنا أن نحدد زمنيّاً حادثين بعيدين الواحد عن الآخر.
فتبيان هذه الموضوعات وسرد قصة العالم بالتقرب ما أمكن من حقيقته تكون اليوم مجموعة من المعلومات الثقافية ذات الأثر في تكوين الفرد وتفكيره وحكمه على الأشياء.
هذه المجموعة الجديدة تختلف كل الاختلاف عن الصورة التي عهدها القارئ لهذا العالم التي ترتسم في ذهننا بما نراه وما اعتدناه وتعلمناه. على أن المهم في ذلك أن هذه التطورات العلمية الأخيرة التي تلزمنا كما سنرى أن نعامل الأشياء بقوانين مختلفة، كان لها تأثير في عالم الاكتشاف والاختراع مما سيكون له أثر على الجيل القادم.
ليس من السهل أن نطالب كل امرئ بتصديق كل هذه التطورات العلمية الجديدة دفعة واحدة وبدون سابق شرح، لهذا عمدت إلى هذه المقدمة التي نوهت فيها على قدر الإمكان ببعض الموضوعات التي سأتناولها
وكأني أشعر بالقارئ يسائل نفسه كيف وصل العلم لمثل هذه القضايا والتفسيرات الجديدة التي تجعله يتشكك في أبسط الأشياء، في الخط المستقيم الذي اعتاد اعتباره كذلك، في فضاء أقليدس ومحاوره الثلاثة، الذي كان نتيجة طبيعية لتصوره. كيف وصل العلم لهذه التفسيرات الجديدة التي ظاهرها غريب شاذ ولا تدل عليه أعمالنا اليومية؟ ألا تكون ضرباً من التخمين والاجتهاد العلمي الذي يراد به تفسير بعض الظواهر ولن يلبث العلماء حتى يعودوا إلى النظريات القديمة؟ ألا تكون الحال كالصور الحديثة عندما زهد الفنانون في إخراج صورة خالدة مثل (الجيوكوندا) من عمل (ليورناد دي فنسي) فمثلوا لنا وجه المرأة بدائرة داخلها نقطتان، والشجرة بخط أو خطين
ولكني أجيب القارئ أن الأمر ليس كذلك، فليس الذي يدفع بالعلماء لهذه النظريات الجديدة هو حبهم للتخمين، رغبة في جديد وهجر لقديم؛ وبينما يعرف الفنان أن الإقبال على فنه