فواسيريه وفون كوانت وفرانس كوجلر وهيدلوف؛ وكان لإنتاجهم ونقدهم صوت مسموع، جعل من الفنانين تلامذة يقدرون الفن القديم (نسبيّاً) ويقتبسون منه ويسيرون على ضوئه ويعملون على إحياء ما بلى منه؛ فظهر أثر الفن المتوسط لا سيما الفن الرومانتيكي.
وظهر في فرنسا مثل هذا الاتجاه على أيد فاضلة نسجل بعضها كفواليه لي دوك ولابورد وشابوي ودوسوميرار ودالي وبالوستر، وظهر في أسبانيا كافيدا، وفي إنجلترا ستريت، وبوجين وجوتر وفرجسون. وكانت النتيجة لهذا المجهود الشامل أن تأرّيخ الفن الوسيط تأريخاً جامعاً كاملاً. وهنا استطاع المؤرخ الفني المستقل أن يربط بين هذه التآريخ بعد التمهيد وتم الأمر في النهاية بوضع تاريخ الفن المتوسط على الأسس الحديثة.
ولتأريخ الفن الإيطالي في عصر النهضة قصة، فجو إيطاليا حبب الرحيل إليها، وجمال الفن الإيطالي لفت النظر إليه، هذا إلى جانب قيمة استقلال البلاد مما يبعد عنها الدهماء من الأجانب فلا يلتقي فيها سوى أهل العلم والفضل من مختلف الأمم؛ فاهتم فريق منهم بتأريخ فن عصر النهضة الإيطالي، ولا نزال نذكر جوتييه وبرسييه وفونتان وليتاروبلي. وكتاب (أبحاث إيطالية) لمؤلفه رومور (طبع برلين في ثلاثة أجزاء ١٨٢٧ - ٣١) من خير ما ألّف لهذا العصر، ففيه تناول المؤلف طريقة النقد الفلسفي للفن. وعلى منواله نسج كل من بورشاردت الألماني ولانسي وكفالكاسيل وموريللي الإيطاليين وكروا الإنجليزي، وهؤلاء جميعاً ولا شك أئمة مؤرخي الفن المحدثين.
وفي نفس المرحلة الزمنية كان قد بدأ فريق من علماء هولندا بالاشتغال بتأريخ الفن أمثال شابس وإيمرتسيل وغيرهما؛ على حين اشتغل باسافان وفاجين بمشاهدة التراث الفني وتأريخه على أساس النقد المقارن، واجتهدا في إيجاد صلات وروابط فنية بين إنتاج الأمم المختلفة وطناً المتشابهة إنتاجاً، نتيجة لتشابه الموقع الجغرافي العام وتشابه الوسط الأوربي والعقلية والثقافة التي كانت تحيط بها العقيدة الدينية إحاطة كاملة
إلى هذه اللحظة لم تكن المؤلفات الحديثة عن تأريخ الفن العام قد ظهرت بعد، ولم يكن بد من العمل على إيجادها، فتكاتف لحسن الحظ فريق من علماء الألمان - كسابق تكاتفهم في مضمار تأريخ الفلسفة - على إخراج مؤلف شامل؛ فظهر في الأفق كتاب (شنازة) وبعده بقليل كتاب (لوبكه) وبعده الكتاب القيم (لأنطون شبرنجر) وقسمت الكتب إلى عصور