للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحق يقال إن اكتفاء المجمع في أن يضع من نفسه لنفسه كلمات يسميها كلمات الشئون العامة ومعظمها من غريب اللغة ثم يودعها معجمه أو مجلته - محاولة قليلة الفائدة لا تحقق الجانب الأعظم من المثل الأعلى الذي أنشئ المجمع لأجله، ولا تشفي غلة جمهور الراغبين في تعميم الإصلاح لكل ناحية من نواحي الثقافة اللغوية.

ولا يخفى أن حكم الجمهور - في عرض المعلومات اللغوية عليه - ليس كحكم تلاميذ المدارس الذين تملى عليهم إرادة أساتذتهم فيتلقَّوْنها من دون تذمر ولا مناقشة، وإنما الجمهور كالمستهلك أمام مخزن التاجر وبضاعته. فإن وافقت ذوقه وإلا هجرها وبحث عن أخرى غيرها.

وفي المادة الثانية من مرسوم إنشاء المجمع الملكي إشارة إلى أن هنالك طرقاً يمكن سلوكها في جعل اللغة العربية وافيةً بحاجات الحياة في العصر الحاضر. وذلك (بأن يُحدد في معاجم أو تفاسير خاصة أو بغير ذلك من الطرق ما ينبغي استعماله أو تجنبه من الألفاظ والتراكيب)

فأنا أرى أن يستفيد المجمع من هذه الطُرُق التي أشار إليها المرسوم (في جعل اللغة وافيةً بحاجات الحياة في العصر الحاضر) فتتألف لجنة من أعضائه تسمى (لجنة لغة الحياة العامة) أو (لجنة اللغة اليومية) ويكون لها فوق ذلك وظيفة الدعاية والنشر والاتصال بجمهور المتكلمين اليوميين على اختلاف أعمالهم ومصالحهم. فتتلقى من إدارات الصحف والدواوين والمحاكم والجمارك والبنوك والمعامل والمتاجر بل من كل سائل الإشكالَ الذي يعرِض له في شأن وضع كلمة عربية مكان كلمة أعجمية، أو استعمال تعبير فصيح مكان تعبير دخيل، أو غير ذلك من الأسئلة المتعلقة باللغة اليومية مفرداتها وتراكيبها. .

وتعلن اللجنة اشتراطها على السائلين ألا تتجاوز أسئلتهم الاثنين أو الثلاثة لتتمكن من موافاة رغبتهم بالسرعة المطلوبة فتقرُّ بعض الكلمات أو التراكيب المختلف في صحتها أو تضع مكانها كلمات أو تراكيب عربية ثم تأخذ رأي المجمع فيما فعلت، ثم تنشره في الصحف اليومية تحت عنوان (أوضاع لغوية مؤقتة) فتسمع رأي الفضلاء في هذه الأوضاع وتعّدل فيه وتحوّر حتى تنتهي إلى نتيجة يطمئن إليها القلب ويُرضى أكثرية السائلين، والصحف اليومية ومحرروها هم لعمري أول من يحسن أن تعتمد عليهم اللجنة

<<  <  ج:
ص:  >  >>