نعم إن في هذا العمل كلفة وفيه مشقة، ولكن فيه فائدة عاجلة، وإجابة رغبة مُلحة، وإصلاحاً مباشراً محسوساً
هذا هو الاقتراح الذي قدمته إلى المجمع ويكفيني منه أن يقبله مبدئياً ثم هو ينظر في تنظيمه وتهيئة الوسائل التي تجعله منتجاً مثمراً
على أن اقتراحي هذا له التفات إلى اقتراح آخر علاقته به علاقة البناء بالأساس. ذلك أن قرار (التعريب) الذي وضعه المجمع في دورته الأولى كان مضيقاً جداً مذ جُعل التعريب فيه من حق عرب الصدر الأول بحيث لا يجوز لنا نحن أن نقدم عليه ونقتحم حرمه إلا عند تحقق الضرورة القصوى. وتحديد هذه (الضرورة) من أصعب الأمور. كما أن إبهامها وشمول لفظها يؤدي بطبيعة الحال إلى جدل واختلاف كبير
ولعل المجامع اللغوية التي كانت تقوم في القاهرة لم تخفق في عملها إلا لاصطدامها بصخرة التعريب وتضييق الخناق فيه
فاللجنة التي اقترحت تأليفها وسميتها (لجنة لغة الحياة العامة) لا أراها تبلغ غرضها وتؤتي أكلها ما لم يعدِّل المجمع قرار التعريب المذكور، فيجيز التعريب لنفسه بشروط أرفه وأوسع مما فصله في توجيه قراره الذي نشره في الجزء الأول من مجلته
فإن قدرت اللجنة على إقناع المجمع بذلك وإلا فلتقنعه على الأقل بلزوم قبول الكلمات الدخيلة اليومية المتفشية في لغتنا، والتي أصبح من المتعذر تطهيرها منها بالرغم من وضعنا لكثير منها مرادفات عربية فصيحة فماتت الفصحى وبقيت هي، أو بقيت الفصحى حية بجانبها: مثلما بقيت كلمة (بريد) حية بجانب كلمة (بوسطة)، و (حوذي) بجانب كلمة (عربجي)، و (ردهة) بجانب (صالون)، و (مضخّة) بجانب (طلمبة)، و (فندق) بجانب (أوتيل)
ولم تقو هذه الكلمات العربية على إماتة الأعجميات، كما لم تقو كلمات (المغْد. والكهكَب. والأَنَب. والحَيْصل. والحدَق) العربية على إماتة أختهن الأعجمية. أعني كلمة (الباذنجان)
وهأنذا أذكر طائفة من الكلمات المعربة الفاشية إلى أقصى حد في لغتنا اليومية لتكون نموذجاً لما أريده بالكلمات العصرية التي لا تمكن إماتتها وينبغي الترخص في استعمالها: