حالات التضخم وحاول أن يعالجها. ولكنه لاحظ أن كل الحالات التي ترد إلى المستشفى حالات مزمنة وصل فيها تضخم الطحال إلى حد أرغم المريض على الرقاد فأيقن أن إحدى حلقات المرض مفقودة ولم يطلع عليها الطب. وبعد تفكير طويل تيقن بأن هذه الحلقة المفقودة هي بدء المرض أو حالاته الحادة
فإن فلاحينا من الفقر لا يستسلمون للمرض إلا إذا ثقلت وطأته على أجسامهم فلم تحتمل شدته. فإذا أضفنا إلى هذا أن وظيفة الطحال هي الفتك بالميكروبات والأجسام الغريبة ثم التهامها سهل على الطبيب أن يستنتج أن ميكروب المرض من الضعف بحيث يفتك به الطحال أولاً بأول. واحتاج هذا الفرض العلمي إلى تحقيق يتناول المرض في حالاته الحادة أو الحديثة التي لا يهتم بأمرها الفلاح. وعندئذ ظهرت مهمة الطبيب شاقة، لأن هذه الحالات ليست في المستشفى ولا عند الأطباء، بل هي هناك في القرى وداخل الأكواخ
وذهب الدكتور أنيس في طلب الفلاحين، فزار مرضاهم في بيوتهم وما كاد يبدأ بحثه حتى اشتد عجبه إذ وجد ٨٠ في المائة من شبان الفلاحين وأطفالهم مصابين بهذا المرض العجيب ولكن تباشير النجاح أيضاً بدت. فهاهي ذي ظواهر ديدان البلهارسيا. وهاهو ذا أثر الصراع بين محتويات الطحال وبين تلك البويضات. فهل ديدان البلهارسيا هي السبب؟
لنجيب على هذا السؤال بنعم يجب أن نجد بويضة البلهارسيا نفسها. وهذه إن وجدت فلن يسهل العثور عليها إلا في طحال الأطفال أو في حالات المرض الأولى أو الحادة. فإن طحال الطفل أضعف من أن يهضم هذه الدودة الخطيرة وبويضتها؛ وبهذا وضع الدكتور يده على مفتاح المرض وبقي عليه أن يكشفه فيصور البويضة في الطحال كما يجب عليه أن يلقح الطحال بديدان البلهارسيا ويرى النتيجة
واستحضر لذلك قردة خاصة عرفت بإصابتها بهذا النوع من المرض وهي تجلب من جزر الهند الغربية. وأجرى تجاربه مدة طويلة احتاج أثناءها إلى أكثر من ٢٠٠ قرد. واستعان بالأرانب فكان له منها ضحايا في كل يوم
معركة حربية
ونجحت التجارب فثبت الغرض. ويقول الدكتور في تعليل تضخم الطحال (إنه عندما تغزو بويضات البلهارسيا لب الطحال تحدث به التهابا حادا سريعا تعقبه على عجل استعدادات